IMLebanon

“الهيئة الناظمة” لتدويل أزمة لبنان

 

تنص خريطة الطريق الفرنسية التي تسلم القادة السياسيون نسخة منها الثلثاء الماضي من الرئيس إيمانويل ماكرون على 30 بنداً بينها أكثر من 20 نقطة تشكل الـ3 في المئة من الإصلاحات التي لم تتمكن حكومة حسان دياب من إنجازها بعدما حققت 97 في المئة من الإصلاحات. وهذا يجعل مهمة حكومة الرئيس مصطفى أديب بسيطة وسهلة، طالما أخذ عنه سلفه الحمل الأكبر.

 

هذا من جهة. لكن من جهة الجدية في التعاطي مع مهمة رئيس الحكومة الجديد فإن ما قام به الجانب الفرنسي كان سهلاً وبسيطاً أيضاً. استجمعت الديبلوماسية الفرنسية كل ما سئم رجالها من تكراره في السنوات الماضية عن وجوب تنفيذ لبنان شروط إطلاق أموال مؤتمر “سيدر” الموعودة منذ مؤتمر “سيدر” في نيسان 2018، بدءاً بالكهرباء. فإصلاح هذا القطاع هو البند الأول في اللائحة، بعد التعامل مع كورونا، وإعادة إعمار ما تهدم إثر انفجار 4 آب الكارثي والاستئناف الفوري للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي وإقرار قانون “الكابيتال كونترول”. خريطة الطريق تنص على تعيين أعضاء الهيئة الناظمة للقطاع “من دون تعديلات على القانون 462″، أي من دون الشروط التي دأب على وضعها وزراء “التيار الوطني الحر” ورئيسه جبران باسيل من أجل تأخير هذا التعيين لإبقاء الصلاحيات بيد الوزير ليفعل ما يشاء، ما أخر تأهيل القطاع سنوات.

 

بات إيمانويل ماكرون يعرف ماذا في القانون 462 لكثرة ما أخبره معاونوه عن فضيحة باسيل في الكهرباء 24/24، بقدر معرفته بواقعية، بالمسرح الجيو سياسي الذي يحيط بأزمة لبنان ومأزقه وصعوبات الحلول الخارجية. ولعل باسيل استشعر بأن وزارة الطاقة لن تؤول إلى من يسميه من فريقه، خصوصاً أن خريطة الطريق تستغني عن معمل سلعاتا، فأخذ يتحدث عن أهمية المداورة في الحقائب، بما فيها الطاقة ويرفع من شأن وزارة التنمية الإدارية، إلا إذا كان يقصد بأن عدم تطبيق المداورة في شكل كامل سيدفعه إلى المطالبة ببقاء حقيبة الكهرباء في يد من يقترحه. لكن القرار اتخذ بعدم تكرار الخطيئة.

 

إذا كانت فضيحة الكهرباء وما نتج عنها أصبحت خاضعة للتدويل، وإذا كانت رزنامة التنفيذ لكل من البنود الإصلاحية باتت شأناً دولياً بعدما وردت في برامج عدة للحكومات المتعاقبة، آخرها الورقة التي أقرتها حكومة الرئيس سعد الحريري قبل أسبوع من استقالتها آخر تشرين الأول 2019، فمن باب أولى أن نوعاً من التدويل يلقي بظلاله على أزمة لبنان السياسية.

 

حتى الصلاحيات الاستثنائية التي كانت أحد مطالب الداعين إلى حكومة مستقلين وحياديين، وجدت خريطة الطريق الفرنسية طريقة لمعالجتها، طالما يرفض رئيس المجلس النيابي نبيه بري منحها لأي حكومة. فالجدول الزمني يشمل مواقيت إقرار البرلمان للقوانين الإصلاحية وفق تواريخ محددة.

 

إنها مرحلة أولى من حقبة التدويل، ولذلك قال ماكرون: “البرنامج الذي التزم به الرئيس المكلف واضح وحسي وقصير الأمد…”، يفترض تنفيذه مع مؤتمر “مجموعة الدعم الدولية للبنان” ودول إقليمية معنية بلبنان، والذي وعد بعقده أواخر تشرين الأول، قبل عودته إلى بيروت في كانون الأول المقبل. أي بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية الأميركية، واستنفاد الانتظار الإيراني لها. لهذا حيّد الرئيس الفرنسي مسألتي سلاح “حزب الله” والانتخابات النيابية المبكرة إلى مرحلة لاحقة. ماكرون يمهد لتشكيل “الهيئة الناظمة” للإشراف الدولي على أزمة لبنان.