IMLebanon

تأجيل زيارة ماكرون أو استقبال الحريري؟

 

 

أقل التعليقات على كلمة الرئيس ميشال عون السبت الماضي بالذكرى الـ77 للاستقلال، لدى كثر من اللبنانيين أنهم خالوا أنفسهم يستمعون لقيادي في انتفاضة 17 تشرين الشعبية، وليس للمسؤول الأول في الجمهورية الذي عليه تبعات ما آلت أوضاعها من انهيار مالي واقتصادي.

 

فالرئيس عون ردّد مطالب عامة الناس بدلاً من أن يبشرهم بالحلول. وعدهم بـ”حفر الصخر”، ما يشير إلى أن إضاعة المزيد من الوقت لا تؤرق الرئاسة، فيما التأخير يقلق العارفين بالواقع المأسوي.

 

وعلى رغم وصفه مهام الحكومة العتيدة بأنها “تحملُ صفةَ الفوري والعاجل والإنقاذي”، يؤثر عون إعطاء الأولوية لمعركة التدقيق الجنائي في مصرف لبنان، مع أهميته، على مسألة تأليف الحكومة. وهو يندفع بهذا العنوان لتحميل مسؤولية الفجوة المالية الكبرى في ما خسره لبنان من ماليته، للحاكم رياض سلامة من أجل استبداله بحاكم آخر يعينه هو. فعين الرئاسة على الموقع، منذ سنوات، قبل أن تكون على معرفة كيف أنفقت الأموال، وما هي مسؤولية الوزارات التي تولاها فريقه وغير فريقه عن استنزاف أموال المودعين.

 

حين دعا عون إلى “تحريرِ تأليفِ الحكومةِ من التجاذباتِ، ومن الاستقواءِ والتستّرِ بالمبادراتِ الإنقاذية للخروجِ عن القواعدِ والمعاييرِ الواحدة التي يجبُ احترامُها وتطبيقُها على الجميع، كي يستقيمَ إنشاءُ السلطةِ الإجرائية”، ردّد بذلك ما يصدر في بيانات الهيئة السياسية في “التيار الوطني الحر” و”تكتل لبنان القوي” وما يقوله رئيسهما صهره النائب جبران باسيل في الشأن الحكومي. باتت عبارة وحدة المعايير مرادفاً لتعطيل التأليف إذا لم ينسجم مع حصة “التيار”.

 

إلا أن البارز في كلمة عون، تغييبه الإشارة إلى المبادرة الفرنسية، التي كان يردد بأنه يؤيدها، إلا مواربة، من أجل الإشارة إلى أن الرئيس المكلف سعد الحريري (من دون أن يسميه) يتستر “بالمبادرات الإنقاذية” للخروج عن وحدة المعايير. وإذا كان خلف هذا التجاهل أن باريس انتهت إلى قناعة بأن باسيل يعرقل التأليف وأن “حزب الله” ليس بعيداً عن ذلك، فإن وراء حملة عون على الحريري امتعاضه مما تسرب من أوساطه عن أنه على اتفاق مع الثنائي الشيعي على أن يسمي هو الوزراء المستقلين من الشيعة، بدلاً من أن يقوم بذلك “حزب الله” وحركة “أمل”. بهذه الصيغة ينزع الرئيس المكلف من فريق الرئاسة الحجة القائلة بأنه يرفض لـ”التيار الحر” أن يسمي الوزراء المسيحيين، على رغم اتفاقه مع الثنائي الشيعي على أن يسميا الوزراء الشيعة. ويبدو أن عون أبلغ حليفه “حزب الله” امتعاضه بأنه إذا صح حصول اتفاقه مع الحريري أن يسمي هو الوزراء الشيعة، فإنه لن يقبل بهذه القاعدة بالنسبة إلى الوزراء المسيحيين، ولن يوقع أي لائحة يقدمها الحريري إليه. تفيد المعلومات في هذا الصدد أنه لهذا السبب قال النائب حسن فضل الله مساء الأحد إنه إذا من قرار بإبعاد “الحزب” عن الحكومة “سنكسره”.

 

يزيد الانسداد الحاصل خشية باريس من استمرار صد مبادرتها، فتبحث احتمال تأجيل زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى بيروت في كانون الثاني، إذا كان يصعب فتح كوة في جدار التعطيل.

 

وهناك من يقترح في بيروت، أن يزور الحريري العاصمة الفرنسية للبحث في مخارج الانسداد القاتل كونه رشح نفسه للرئاسة الثالثة تحت عنوان تنفيذ مبادرة ماكرون.