IMLebanon

مافيا المحور

 

مضحك تحميل السياسات المالية والنقدية تداعيات “النكسة” الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية. مضحكٌ ومبكٍ ومكشوف. والمكشوف أكثر الرسائل المولوتوفية على فروع المصارف في مناطق تتحكّم بأرضها مافيا المحور أكثر من غيرها. فالمطلوب، وفق مخطط هذه المافيا، تحويل لبنان رسمياً الى ما يشبه سوريا والعراق واليمن.

 

المطلوب أن تتغير الصيغة، التي يجب أن تتغير، لكن للعودة الى الدولة، وليس لتدير البلاد مجموعات من العصابات المقرّبة من الحكم، تسير في الخط المرسوم لها، وتتصارع في ما بينها على النفوذ، تماماً كما كان يحصل خلال الحرب الأهلية. ففي “بيروت الغربية”، لا نزال نذكر جماعات، تدين بالولاء لمموّل واحد يحرّكها وفق مصالحه. وتتصارع على النفوذ في المنطقة وتتبادل القصف بالأسلحة الصاروخية القصيرة المدى، فنختبئ تحت الطاولة وخلف البراد حتى يأتي ضابط من الجهة التي تشغلها ويعقد صلحاً هشاً، سرعان ما يسقطه الاختلاف على جباية الخوة.

 

وكل جماعة تخصصت في تهريب سلعة ما. على ما أذكر كانت إحداها في “النويري” متخصصة في الدواء المهرب. في حين كان الدخان المهرب من إختصاص جماعة أخرى في محور اللعازارية. الأولى انقرضت، وانتقلت مغانمها الى فصيل في مافيا المحور، والثانية لا تزال تمارس نشاطها وبنجاح وحيوية وازدهار، والسر أنها مدعومة بفضل سيطرة المافيا على الساحة.

 

واليوم، مع بروز الأزمات أو اختراعها، سنشهد مزيداً من الإزدهار لجماعات تنتظم في صفوف مافيا المحور، مع توزيع الحصص.

 

وأبشروا بتأسيس عصابة للصرافين وأخرى للتهريب، وثالثة للقمح ورابعة للسكر، وخامسة للبيض والدجاج وسادسة للحليب ومشتقاته، وسابعة لحفاضات الأطفال.. وهاتِ على دعوات ملغومة للتموين، لأن الليرة ستواصل موتها السريري والسلع ستختفي.

 

ولا عجب إن حرّكت المافيا في المرحلة المقبلة أدواتها باتجاه المستودعات والمخازن لنهبها، تماماً كما حصل بداية الحرب الأهلية.

 

حينها، يُروى أن أحدهم وضع شوال السكر الذي غنمه من غزوته لأحد المستودعات على قارعة الطريق عند محور الشياح -عين الرمانة، ونزل الى المستودع ليستزيد من الرزق السائب، وعندما خرج ولم يجد شواله، صرخ “سرقوني.. ولو ما في أمان؟؟!!”.

 

بالتوازي، تواصل مافيا المحور إدارة اللعبة الكبيرة من المطار والمرفأ والحدود الفالتة. وتحرّض على “حزب المصرف” لتهديده الاستقرار.

 

وكأن الاستقرار موجود أصلاً. فقد تهدد منذ اغتيال رفيق الحريري، ومنذ الطاولة الأولى للحوار، وورقة تفاهم مار مخايل، ومنذ استنسابية الحرب والسلم في تموز 2006، ومنذ احتلال وسط بيروت و”7 أيار”. ومنذ إطاحة حكومة سعد الحريري الأولى، وتعطيل تشكيل الحكومات لعيون الصهر، والفراغ الرئاسي لعيون العهد القوي، ومنذ تحوّل الساحة السورية جبهة جهاد شرعنتها مافيا المحور على حساب مفهوم الدولة. وعلى امتداد هذه المفاصل الناسفة للإستقرار كانت الاغتيالات والتفجيرات غب الطلب.

 

وبعد… هل يمكن الإكتفاء بتحميل “حزب المصرف” مسؤولية تهديد الاستقرار؟؟ فهذا الحزب، كما غيره من الأحزاب المدجّنة التي عاثت فساداً مقابل خضوعها لمافيا المحور، هي عدة الشغل الممكن التضحية بها والتفرج عليها تتصارع في ملفات الكهرباء والنفايات ومواسم المحاصصات. ليس أكثر. فتهديد الاستقرار أكبر من قياسهم.