IMLebanon

منبج… طريق الحسم قبل الوصول إلى الرقّة

ذكر مكتب «مجلس منبج الإعلامي»، القريب من الولايات المتحدة، في بيان صادر عنه، الخميس 2-3-2017: «إتفقنا مع الجانب الروسي على تسليم القرى لمنطقة الباب في الجبهة الغربية لمنبج، لقوات حرس الحدود التابعة للدولة السورية، التي ستحمي الخطّ الفاصل بين قوات مجلس منبج العسكري ومناطق سيطرة الجيش التركي وقوات «درع الفرات»».

من جهته، نفى وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو، ما جاء على لسان المجلس، موضحاً للصحافيين في أنقرة، «أنّ بلاده، ستضرب المسلّحين الأكراد في منبج، إذا ظلوا هناك».

بين النفي والتأكيد، بدأت مرحلةُ تقاسم نفوذ التنظيم المريض «داعش»، بين القوى المتصارعة على الأرض السورية. حيث سترسم مرحلة الحسم في منبج، طريق الوصول إلى الرقة.

إنّها المرحلة، الأشد خطورةً في النزاع، لما يحمله الشمال السوري، من الأهمّية ذات البعد الجيوبوليتيكي. خصوصاً مدينة منبج، بسبب موقعها الجغرافي الحسّاس، والقريب من الحدود الشمالية مع تركيا.

أهمية هذه المدينة، هي كالآتي:

• طريق إستراتيجية، تربط بين معقل داعش في الرقة، وقلب أوروبا. فهي المعبر الرئيسي لمقاتلي التنظيم، إلى سوريا والعراق.

• طريق رسم حدود الدولة الكردية. حيث تعمل قوات «سوريا الديموقراطية»، ذات الغالبية الكردية، مع قوات «التحالف الدولي» بقيادة الولايات المتحدة، لتأمين دولتها إنطلاقاً من منبج.

• طريق إلى إقامة المنطقة العازلة. فتركيا، التي أعلنت في أكثر من مناسبة، أنّ معركتها الأساسية بعد الباب هي منبج. تعمل على إقامة منطقتها العازلة، حمايةً لحدودها عبر إبعادها لعناصر التنظيم، وطردها الأكراد منها، بعد تهديد وزير خارجيتها.

• طريق تحرير سوريا. فالنظام السوري، يعمل مع حلفائه لعودة السيطرة على كامل الأراضي، وإفشال المشروع التركي على أراضيها.

كشفَ القتال على منبج، نيّة المتقاتلين وأهمية الإنتصار الذي يحمّل المنتصر أوراقاً رابحة في يده. فمن الجانب الأميركي، حيث تقوم أميركا بإسناد جوي كثيف لهجوم قوات «قسد»، ذات الغالبية الكردية، من المقاتلين.

يبدو أنّ الدعم الأميركي لهذه القوات الكردية، جاء للضغط على الدولة التركية، بسبب العلاقات الأميركية – التركية المتوتّرة والهشة جداً جرّاء الدور التركي في سوريا الذي عقّد الوضع الأميركي، إلى جانب الخلافات حول مصير رئيس النظام السوري، في ظلّ التوقف الأميركي عن استخدام قاعدة «أنجرليك» التركية، واستئناف طلعاتها من البحر المتوسّط.

كما وكشف بعض المصادر، أنّ الأتراك عرضوا على أميركا، إرسال قوات خاصة، بالإضافة إلى قوات «المارينز» الأميركية إلى المدينة، عوضاً عن دعم القوات الديموقراطية. إلّا أنّ الأخيرة رفضت بنيّة الضغط على تركيا، التي تعتبر هذه القوات معادية.

أمّا الجانب الروسي، الداعم لقوات النظام، يدفع به لإحكام السيطرة على منبج. إذ يرى في هذا، استغلالاً للموقف التركي إلى جانبه، في الحرب السورية، كي لا تستجيب الأخيرة إلى الغزل الأميركي. وتجد فيها أيضاً، استفزازاً لللاعب الأميركي، عبر قطع الطريق أمام تقدّم القوات الداعمة لها، وعدم تحقيق مبتغاها. ما يجبر الإدارة الأميركية، للإعتراف بأهمية الدور الروسي في المنطقة، ويحضّها على البدء بمفاوضات جدّية، حول القضايا الدولية العالقة، ولا سيّما أوكرانيا.

أخيراً، إنّ أهمية تحقيق إنتصار عسكري وسياسي في مدينة منبج، يهدف إلى حسم معركة الرقة، العاصمة الأساسية للتنظيم. مع العلم أنّ الأرض، لم تزل تشهد حماوة المعركة، وإنّ قدرة التنظيم، لم تزال قادرة على التحرّك، والدفاع عن المنطقة.

مهما يكن، فإننا لن ننتظر طويلاً، حتّى تظهر التسويات بين الأطراف، على منبج. ما سيوضّح، مدى أهمية السيطرة عليها، لرسم مسار الحرب السورية، لأنّها حرب تسويات وتقاسم للنفوذ والمصالح.