IMLebanon

«14 آذار»: مخاوف 8 آذار من تكرار سيناريو الموصل ليست في محلها وتُخفي أجندة خاصة

«14 آذار»: مخاوف 8 آذار من تكرار سيناريو الموصل ليست في محلها وتُخفي أجندة خاصة

 إمارة «باب التبانة»: حرب نفسية أم تلاعب بمصير الاستقرار والنظام؟!

ظاهرة الأسير لن تتكرّر مع المولوي ومنصور.. وعملية جراحية لا بدّ منها

ثمة مخاوف تعتري غير وسط سياسي وأمني من وجود خلايا نائمة في الشمال تُبايع «جبهة النصرة» وتنظيم «الدولة الإسلامية»، قد تعمل في لحظة سياسية إقليمية، على تنفيذ «سيناريو الموصل»، بحيث تسقط المناطق السنية الشمالية في يد هؤلاء لتحقيق حلم قديم بإنشاء إمارة إسلامية. ويذهب البعض إلى الحديث عن خطط  يتم تحضيرها لربط عرسال وجرودها  بعكار والضنية وطرابلس في هذا السياق. ويستعينون بما تشهده  منطقة «باب التبانة» راهناً من سيطرة مجموعة مسلحة عليها، وتحوّلها إلى ما يشبه نموذجاً مصغراً عن الإمارة المُنتظرة لإثبات وجهة نظرهم.

تلك المخاوف والسيناريوهات والخطط لا يمكن وصفها، في رأي معنيين، إلا بالأوهام والمبالغات والتجييش المتعمّد بغية الربط بين السنّة والإرهاب. لا شك أن حالة شاذة ومُريبة تعيشها منطقة «باب التبانة»، يقول سياسيون طرابلسيون، لكنهم يعزون ذلك إلى فراغ نشأ في المدينة في أعقاب الخطة الأمنية وتواري أو توقيف ما كان يُعرف بـ «قادة المحاور»، فظهرت مجموعة صغيرة على رأسها شادي المولوي وأسامة منصور في المنطقة، وأخذت تنمو شيئاً فشيئاً إلى أن طفت على السطح بقوة بعد أحداث عرسال، من دون أن تكون مفهومة الأسباب التي  دفعت بالقوى الأمنية إلى ترك هذه الظاهرة وعدم القضاء عليها في مهدها.

وإذا كان البعض يحلو له أن يُشبّه تلك المساحة الجغرافية الصغيرة بـ «إمارة باب التبانة»، فإن القناعة الراسخة لدى قيادات طرابلسية ممثلة في الحكومة، تشي بأنها ظاهرة لا تلقى تأييداً شعبياً أو بيئة حاضنة، بل تختطف منطقة بأبنائها، وقادة هذه «الإمارة المفترَضة»، الذين يحتمون بأحد المساجد، سعوا في فترة سابقة إلى التلطي بعباءة بعض المشايخ والعلماء، إلا أن المرجعيات الإسلامية، ولا سيما «هيئة العلماء المسلمين»، ابتعدت في الآونة الأخيرة عن المشهد لعدم قدرتها على تغطية سلوكيات تلك المجموعة وخطابها، ما يؤشر إلى رفع الغطاء الديني عنها.

ويُدرج متابعون للشأن الطرابلسي ادعاء مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، أمس، على المولوي ومنصور وآخرين في إطار الإجراءات القضائية المطلوبة كمقدمة لإنهاء هذا الوضع الشاذ، ولا سيما أن الذرائع بتهديد آتٍ من جبل محسن، والتي أَفضت إلى وجود جماعات مسلحة في باب التبانة  قد انتهت مع إقفال تلك الجبهة. لكن إنهاء هذا الوضع، وفق هؤلاء، قد لا يكون ممكناً من دون عملية عسكرية جراحية، بعدما آل التغاضي عن  تلك المجموعة إلى تحولها ظاهرة تشي المعطيات بتفلتها من إمكان التأثير السياسي الداخلي عليها، نظراً لارتباطها المُعلَن بـ «جبهة النصرة». وفي رأي هؤلاء، فإن المطلوب عدم التباطؤ في التعامل مع هذه الظاهرة، كي لا تصبح كلفة المعالجة مرتفعة، ولا سيما أن «ظاهرة الأسير»، وما كلفته من أعباء وخسائر بشرية ومادية، لا تزال ماثلة في الأذهان، وإن كان ثمة فارق شاسع في مقارنة حجم «ظاهرة  المولوي – منصور» مع الحجم الذي وصلت إليه «ظاهرة الأسير» أو ظروفهما، وهي ظاهرة لا تزال معروفة، غير أن أيّ تلكؤ أو تواطؤ يمكن أن ينقلها إلى أحضان «داعش»، خصوصاً إذا ما تُركت، وإذا توافرت لها إمكانات التواصل والدعم المالي والمعنوي.

أما الكلام عن مخاوف من تكرار «سيناريو الموصل» في الشمال، فهو يعني، وفق قوى الرابع عشر من آذار، أننا أمام سيناريو انهيار البلاد بمؤسساتها السياسية والأمنية والعسكرية، وهو أمر لا يمكن قراءته إلا في إطار الحرب النفسية التي تشنها جهات سياسية وإعلامية تصبّ في خانة قوى الثامن من آذار لحشد أحزاب مسيحية وتكتلات سياسية أخرى وراء فكرة أن «حزب الله» يواجه الإرهاب لحماية مناطق وقرى وبلدات في البقاع والعرقوب وصولاً إلى راشيا الوادي من مخاطر قدوم جماعات مسلحة تنتسب إلى «النصرة» و«داعش» لمدّ نفوذها إلى الأراضي اللبنانية.

غير أن الوقائع السياسية والميدانية لا تدعم مثل هذه المخاوف، ذلك لأن قوى الاعتدال السني, وعلى الأخص «تيّار المستقبل» وقيادته السياسية, تقف في الصف الأوّل في مواجهة الظواهر المتشددة التي تندرج في خانة الإرهاب. وهي لم تتوانَ, رغم كل ما أصاب بيئتها الشعبية من اضطهاد وإحباط ، عن التمسّك بالدولة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية وتوظيف علاقاتها العربية والدولية في دعم الجيش وتسليحه بما يلزم لمكافحة الإرهاب الآتي من وراء الحدود.

تلك الوقائع تدفع إلى إدراج التهويل الحاصل بتكرار «سيناريو الموصل» في خانة التوظيف السياسي لـ «حزب الله» وحلفائه بغية إيجاد مناخ يسمح له بالتماهي مع دور الجيش الذي يحظى بالتفاف وطني سياسي وشعبي في حربه مع الإرهاب، فضلاً عن إيجاد بيئة سياسية حاضنة للحزب في وقت تدخل فيه المنطقة مرحلة معقدة بعد قرار تركيا دخول الحرب في سوريا براً، والتحذير البالغ الخطورة الذي نُقل، بالطرق الدبلوماسية، من طهران إلى أنقرة.