IMLebanon

إنتهى دعم التصدير البحري لتبدأ أزمة البرّي

 

إنتهت مع نهاية العام 2018 الأموال التي سبق ورصدتها الحكومة لدعم التصدير البحري، ليعود المزارعُ مجبَراً الى التصدير البري رغم الأكلاف الباهظة التي يفرضها الجانب السوري على رسوم المرور والتي تُفقد المنتج اللبناني القدرة التنافسية في الأسواق الخارجية. وقد أضيف أخيراً همٌ آخر الى هموم المزارع اللبناني بفرض الجانب الأردني رسوماً إضافية على الفاكهة المصدَّرة اليه.

 

لفت رئيس رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات «ايدال» نبيل عيتاني الى أنه مع انتهاء الدعم على التصدير البحري بات أمام المصدّر 3 وجهات للتصدير، إما التصدير جواً أو بحراً عبر الحاويات والمستوعبات أو التصدير البري، مشيراً الى أنّ الاحتمالات الثلاثة مرتفعة الكلفة.

 

وقال لـ«الجمهورية»: إنّ الحكومة أقرّت الدعم البحري بعد إقفال طرق التصدير البري، وقد أوجدت وسيلة جديدة للتصدير البحري عبر الرورو الأمر الذي لم يكن متوفراً في السابق، ويقضي بأن ينقل شاحنة البراد كما هي بحراً الى المنطقة المتجهة اليه بوقت قصير، وبذلك قدمت الدولة التحفيزات اللازمة لحماية الأسطول البري الذي كان يعَدّ 1300 براد والذي كان قادراً على نقل الخضار والفاكهة مبرَّدَة خلال 3 الى 4 أيام الى وجهتها. وأوضح أنّ هذه الوسيلة التي بدأ العملُ بها منذ شهر أيلول 2015 لم تعد متوفّرة اليوم بسبب انتهاء الأموال المرصودة لدعمها وفي غياب الدعم تتجاوز كلفة التصدير عبر الرورو كلفة التصدير البري بأشواط.

 

واعتبر عيتاني أن لا خيار أمام المصدّر اليوم إلّا التصدير عبر البر لأنه يبقى الأوفر مقارنةً مع التصدير البحري والجوي، إلّا أنّ كلفة التصدير البري تعَدّ مرتفعة اليوم على المصدّر لناحية قدرته على المنافسة في الأسواق الخارجية.

ولفت عيتاني الى أنه تمّ خلال شهرَي تشرين الثاني وكانون الأول 2018 خروج 244 شاحنة عبر البر، في حين جرى التصدير خلال الفترة نفسها على خط الرورو 271 شاحنة، ليصدّر ما مجموعه 515 شاحنة. في المقابل، عبَر عبر الخط البحري في الفترة نفسها من العام 2017 نحو 361 شاحنة، ما يعني أنه مع تيسير الخط البري ارتفع عدد الشاحنات المصدِّرة. ولفت عيتاني الى أن لا إحصاءات بعد عن الصادرات براً خلال شهر كانون الثاني، موعد توقّف التصدير البحري عبر الرورو والدعم، إلّا أنه سيزيد من دون شك.

 

وعن كلفة التصدير البري، لفت عيتاني الى أنّ رسوم المرور التي يفرضها الجانب السوري ليست حافزاً للتصدير البري والتي ارتفعت حوالى 6 اضعاف. على سبيل المثال، إنّ كلفة مصاريف ورسوم عبور الشاحنة من لبنان الى سوريا الى الأردن باتت نحو 2900 دولار في حين كانت في السابق تراوح بين 600 الى 700 دولار. أما كلفة الشاحنة فلا تزال كما هي بنحو 1500 دولار ليصبح مجموع كلفة الشاحنة الى الأردن 4500 دولار، (في حين كانت بالماضي تصل الشاحنة الى الأردن بكلفة 1500 دولار). ولتصل الشاحنة اليوم الى السعودية يضاف نحو 1000 دولار على كلفة وصولها الى الأردن (500 دولار رسوم و500 دولار كلفة إضافية للوصول) فيصبح المجموع 5500 دولار.

 

ترشيشي

لا شكّ أنّ توقّفَ الدعم البحري للتصدير بواسطة الرور كان له الأثر السلبي على القطاع الزراعي كونه المستفيد الأكبر من هذا الدعم، وفي هذا السياق، قال رئيس تجمّع مزارعي البقاع ابراهيم ترشيشي لـ«الجمهورية» إنّ «نسبة التصدير في الوقت الراهن ضعيفة جداً بل هي الأضعف في العام، إذ نحن لا نصدّر في الوقت الراهن سوى الحمضيات وبالتالي فإنّ مزارعي الحمضيات هم الأكثر تضرّراً في هذا الوقت، وهم غير قادرين على تصريف إنتاجهم بسبب ارتفاع كلفة الشحن، يضاف اليهم المزارعون الذين خزّنوا العنب والتفاح لتصديره في مثل هذه الأوقات لأنّ الشحن بهذه الكلفة غيرُ مجدٍ اقتصادياً».

وأشار الى أنّ التصدير في هذه الفترة خفيف جداً في انتظار أيّ حلحلة مع الجانب السوري تعالج رسومَ المرور المرتفعة. تابع: نحن نرجو من الجانب السوري خفضَ رسوم المرور وندعو المعنيين من الجانب اللبناني للعمل على إيجاد حلٍّ لهذه المشكلة، قبل أن تبلغ المواسم ذروتها أي بدءاً من شهر نيسان المقبل.

من جهة أخرى، والى جانب ما يعانيه المزارع اللبناني مع الجانب السوري، كشف ترشيشي عن أزمة أخرى بدأت مع الجانب الأردني بعدما عمد الى فرض ضريبة دخل على كل براد فاكهة يدخل الى أراضيه للاستهلاك المحلي بما قيمته أكثر من 3000 دولار، على مدار العام، علماً أنّ السلطات الأردنية لا تسمح أصلاً باستيراد الخضار حماية لإنتاجها المحلّي.

 

الجميل

في المقابل، لا يعَدّ القطاع الصناعي متضرّراً من توقف التصدير البحري المدعوم عبر الرورو لأنّ الصناعي لم يستفد منه بالمقدار الذي استفاد منه المزارع.

وفي هذا السياق، أوضح رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل لـ«الجمهورية» أنّ الرسوم الجديدة التي فرضها الجانب السوري على الترانزيت تشكّل عبئاً كبيراً على القطاع الصناعي وعلى حركة التصدير. وقال: صحيح أنّ سوريا وفق ما تقول، تبحث عن مداخيل إضافية إلّا أنّ هذه الرسوم برأينا ساهمت في شلّ الحركة وبالتالي لن تعطي المردود المتوقع منها بل ستعيق الحركة أكثر. ولهذه الغاية قمنا أمس بزيارة الى وزير الصناعة حسين الحاج حسن لمراجعته في هذا الموضوع الذي أبلغنا انه يتواصل لهذه الغاية مع وزير الأشغال يوسف فنيانوس والمسوؤلين السوريين المعنيين بمعبر نصيب بهدف تخفيف القيود وتخفيض الرسوم المفروضة على الشاحنات التي تمرّ عبر المعبر بالاتّجاهين. كما طلبنا منه تقديم التسهيلات اللازمة للتصدير البري الى الأردن والعراق.

وكان الوفد الصناعي تطرق خلال لقائه الحاج حسن إلى أوضاع القطاع الصناعي ودراسة سبل دعمه في مواجهة التحديات والمنافسة التي تواجهه لا سيّما على صعيد ارتفاع كلفة الإنتاج والعوائق الخارجية التي تعرقل انسيابَ السلع اللبنانية الى الأسواق الخارجية لأسباب لا تتعلّق بالنوعية وإنما بسبب لجوء الدول المعنية الى اتّخاذ تدابير وإجراءات حمائية وفرض رسوم جمركية عالية لحماية انتاجها.

وعرض المجتمعون لكيفية إعادة تفعيل التصدير البرّي عبر سوريا الى الأردن فدول الخليج العربي، لما لذلك من أهمّية كبيرة على معاودة زيادة القطاع الإنتاجي اللبناني قدراته الإنتاجية وبالتالي التصديرية فالتنافسية في أسواق لا زالت تعطي الأفضلية للمنتج اللبناني العالي الجودة.