IMLebanon

البطريركيّة المارونية وإنتاج رئيس من الطاقة النوويّة

وُقّع الإتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة الأميركية وسلك طريقه نحو التطبيق مع إبقاء فرضية أنّ «الشيطان يكمن في التنفيذ»، في وقت يتأمّل الداخل اللبناني إنعكاسه على المشهد السياسي إيجاباً.

«السعودية وإيران الأكثر تأثيراً والراعي قد يلتقي سفيرَيْهما قريباً»لم تصل كلمة السرّ الرئاسيّة من الخارج لأنّ حبر الإتفاق النووي لم يجفّ بعد، ومن المبكر الحديث عن تسوية رئاسيّة قريبة لأنّ المسائل الخلافية تحتاج الى بعض الوقت لحلِّها، فإذا إتفق الأفرقاء الإقليميون والدوليون على «سيّد» لقصر بعبدا، فلن يكون هناك رئيس قبل 12 آب المقبل، الموعد الذي حدّده رئيس مجلس النواب نبيه بري للجلسة الـ27 في روزنامة التأجيل والتعطيل المستمرّين.

وفي إنتظار نضوج التسوية الإقليميّة، يسارع المرشحون الوسطيون الى حجز كراس في الصفوف الأمامية لعلهم يُطلّون عبرها على المشهد العام وليكونوا مرشحين مقبولين للرئاسة، في وقت سينشط عمل السفارات والديبلوماسيين لإختيار المرشح الذي يرضي الجميع ويشكل جسرَ تلاق بين الدول الإقليمية والداخل اللبناني المنقسم طائفياً ومذهبياً.

وسط هذه الاجواء، يتابع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إتصالاته مع سفراء الدول المعنيّة، بالتنسيق مع الفاتيكان والتعاون مع فرنسا لإستعجال إنتخاب رئيس الجمهورية، وإستغلال لحظة «النووي» التي ستحدّد مصير المنطقة برمّتها، وليس لبنان فقط.

وفي هذا السياق، تؤكد مصادر البطريركية المارونية لـ»الجمهورية»، أنّ «البطريركية المارونية تنظر بعين الأمل وتشجّع عقد التسويات والإتفاقات الإقليمية والدولية، لأنها تؤدّي الى حلّ الملفات سواءٌ في الشرق الأوسط أو العالم، ومن هذا المبدأ ترحّب بالاتفاق النووي الإيراني، وترى فيه بادرة خير لكسر حدّة النزاع في المنطقة، وتقريب وجهات النظر، وتخفيف حدّة القتال السنّي- الشيعي المشتعل منذ عام 2011، والذي دمّر دولاً بأكملها، وهجّر المسيحيين وضرب الأقليات والأكثريات».

وتتوقّع المصادر أن «ينعكس هذا الإتفاق تهدئة وحواراً في الداخل، لأنّ الراعي يردّد دائماً أمام المبعوثين الدوليين أنّ لبنان ليس جزيرة معزولة عن العالم، بل يتأثر بما يحصل في دول الجوار، لذلك يكرّر دائماً أنّ حلّ أزمة الرئاسة ليس لبنانياً صرفاً، بل إنّ الدول الإقليمية مسؤولة بخلافاتها، عن عرقلة الوضع وتأزيم الإستحقاق الرئاسي ودفع المؤسسات الدستورية نحوَ الفراغ المطلق وإنهيار النظام».

وتشدّد المصادر على أنّ «الإتفاق يجب أن يكون مدخَلاً لحلّ أزمة رئاسة الجمهورية، لأنّ بكركي تعتبر أنّ هناك دولاً تؤثر في الإستحقاق، وتحديداً السعودية وإيران. ومن هنا، سيتابع الراعي مشاوراته مع سفراء الدول الكبرى وعلى رأسهم سفيرا السعودية وإيران، من أجل إزالة العقبات وفتح الباب أمام تسوية داخلية بمبارَكة إقليمية ورعاية دولية، لأنّ سقوط المؤسسات سيودّي بالبلد الى المجهول». ولم تستبعد المصادرُ عقدَ لقاء قريب بين البطريرك الراعي والسفير الإيراني محمّد فتحعلي لمناقشة التطورات المستجدّة وتقويم الوضع والبحث عن ثغرة من أجل خرق الجمود الرئاسي.

ترفض البطريركية التعليق على تأجيل جلسة إنتخاب رئيس الجمهورية الى 12 آب المقبل والذي يُعتبر مدّة طويلة، وعما إذا نسّق هذا التأجيل مع الرئيس برّي، بعدما كان الراعي قد طالب بعقد جلسات يومية ودائمة لإنتخاب رئيس، والقيام بمبادرات وعدم الإكتفاء بالحضور الى مجلس النواب أو مقاطعة الجلسات. وتعتبر أنّ التأجيل الى 12 آب قد يفتح الباب أمام جولة مشاورات جديدة خصوصاً أنّ المدة طويلة وهناك متَسَعٌ من الوقت لصوغ تسوية داخلية وخارجية.

في موازاة العمل الدؤوب والضغط المعنوي والإتصال مع السفراء، الذي يجريه الراعي، تنشط ديبلوماسية الفاتيكان محاولة «سرقة» اللحظة، وتستمرّ في التعاون مع فرنسا التي تضع في أولوياتها بعد تسوية الملفات المتعلقة بالبنود النووية، انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، عبر التعاون مع أميركا وإيران والمملكة العربية السعودية.

تبتعد البطريركية المارونية من إعطاء موعد لإتمام الإستحقاق، لأنّ المواعيد التي وضعت سابقاً ذهبت أدراج الرياح، ويبقى أملها في إنتاج رئيس من الطاقة النوويّة التي تترجم طاقة حوارية وتسويات شاملة في المنطقة وبلد الارز.