IMLebanon

ملحم رياشي… أقدم  

لا أستطيع إلاّ أنّ أُهلِّل لما أعلنه وزير الإعلام الصديق الزميل ملحم رياشي من قرار بتحويل وزارة الإعلام الشمطاء الى وزارة للحوار شابة متوثّبة مواكبة العصر.

ولا أستطيع إلاّ أنّ أهلل لمعاليه على هذا القرار الجريء الذي إنتظرته، (وغيري كثيرون) منذ أكثر من ثلاثة عقود، كي لا تبقى الوزارة المسماة وزارة اعلام عبئاً على الدولة. أي على الشعب اللبناني… وبالتالي إذا كان لابدّ من هيكلية إدارية أو من إنفاق أموال فلا بأس، ولكن فلتكن في الإتجاه الصحيح. وليس أكثر من الحوار المستدام ما يحتاج إليه اللبنانيون، فلتكن وزارة الحوار. ونِعْمَ التسمية.

والذين يخافون من هذا الكلام على مواقعهم والمراكز فإنّ لهم في هذه الإدارة المهلهلة ألف مكان ومكان.

طبعاً، الوكالة الوطنية للإعلام يمكنها أن تكون (كما قلنا مراراً وتكراراً) هيئة مستقلة بمجلس إدارة، خاضعة الى وصاية جهة من الجهات، ولا بأس في أن يكون «وزير الحوار الوطني» هو مرجعية الوصاية على الوكالة وكذلك على إذاعة لبنان في ظروف مماثلة لظروف الوكالة.

وفي التقدير إن الإجراءات القانونية من حيث الهيكلية التنظيمية إن لاستبداله الإسم (علما أن المهم المضمون وليس الإسم) أو لتحديد المهام (الخ..) أنّ هذه الإجراءات لن تستغرق طويلاً كي يتمكن معالي الوزير رياشي من المباشرة في عملية التحويل التي لا نشك في أنها ستكون حدثاً بالغ الأهمية.

يعرف معاليه، ونعرف بالضرورة، كما يعرف معظم الإعلاميين ان وزارة الإعلام هي (بحكم الروتين الإداري) عبء حتى على المهمة الإعلامية. ولعلّها عبء على الوكالة الوطنية للإعلام وليست هذه الأخيرة عبئاً عليها، ولو شئت أن أسرد ما لي من حصاد تجربة عريقة في هذا المجال، لأسهبت مطوّلاً. أكتفي بأن أقصر كلامي على حادثتين (لعلي ذكرتهما هنا سابقاً).

الأولى – ذات يوم إندلعت النيران في مكتب وزير الإعلام الأستاذ أنور الخليل الذي أوجه إليه تحية صادقة لجديته ورصانته وحرصه على المال العام… فأرسلتُ «الإطفائيات» المتوافرة في الوكالة، وتمكنا من إخماد الحريق. واعطيت تعليماتي لإعادة تذخير الإطفائيات إذ لا يجوز إبقاؤها فارغة.

وكلّفت «العملية» نحو مئة دولار ثمناً للسائل الذي يُستخدم.. . ورفعنا الفاتورة… ومن يصدّق أنها استغرقت أشهراً في مراسلات بين الوكالة والوزارة و36 توقيعاً و36 ختماً (أجل 36 توقيعاً ومثلها من الأختام)! لماذا، لأن قرار جعل الإطفائيات جاهزة اتخذناه من دون سابق موافقة! وبالكلفة «الباهظة» مئة دولار.. والعياذ بالله؟! وكأن الحريق عندما إندلع في مكتب الوزير حصل على «موافقة مسبقة»!.

الثانية – كنت قد نقلت الوكالة الوطنية للإعلام الى عصر الفضاء وعقدت إتفاقية مع وكالة الصحافة الفرنسية وقعتها وزميلي مدير عام الوكالة الفرنسية، كما حظيت بموافقة وتوقيع الوزير. وقبل أن ينتهي مفعول الإتفاقية الزمني بنحو شهرين راسلنا من يعنيهم الأمر بضرورة توفير النفقة اللازمة لتجديدها لأنه لا يجوز أن ترجع وكالة الدولة من عصر الفضاء الى عصر الدرّاجة… وأدركنا الوقت قبل أن يأتي جواب الوزارة بالموافقة، فتحملت مسؤوليتي ومدّدت الإتفاقية إذ لا يجوز تعطيل مرفق عام.. علما أن الوكالة كانت تزوّد صحافة الورق ووسائط الإعلام كلها بنحو 82.5% من المادة المحلية على خلافها…

فماذا كانت النتيجة؟ أُحلتُ الى النيابة المالية في ديوان المحاسبة… لماذا؟ لأنني لم أحصل على الموافقة المسبقة؟! أما ديوان المحاسبة فوجه اليّ تنويها أشكره عليه اليوم متأخراً جداً.

(…) معالي الوزير ملحم رياشي أقْدِمْ… وأنت الآتي من «حيث لا يجرؤ الآخرون» .