IMLebanon

الاستحقاق صناعة خارجية

منذ أكثر من سنة عندما بدأ الحديث عن الاستحقاق الرئاسي، كنت أقول باستمرار: إنّ هذا الاستحقاق لن يتم إلاّ إذا اتفقت أميركا وإيران.

أصبح أكثر من موضوع أنّ «حزب الله» يؤيّد ترشح ميشال عون، ولكن المصيبة أنّ ميشال عون يصدّق هذا الكلام بالرغم من أنّه لو عدنا الى الاستحقاق الرئاسي السابق (انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً) لوجدنا أنّ «حزب الله» تخلّى عن عون وخَذَله وعمل اتفاقاً على سليمان، ولكن الجنرال عون لا يريد أن يصدّق.

مشكلة الجنرال أنّه عندما يطرح هذا الموضوع لا يستطيع أن يفكر أو أن يتصوّر أنّ أحداً سواه يمكن أن يكون رئيساً، ولمزيد من التأكيد على ذلك نتذكر يوم كلّفه أمين الجميّل رئاسة الحكومة الإنتقالية بعد انتهاء عهد الجميّل في 1988، يومها لم يقبل أي عرض من العروض الكثيرة التي قُدّمت له بعد انتخاب الرئيس: شَرِّف وَجِد دوراً لك في النظام الجديد، ولكنه لم يقبل.

المصيبة أنّ الجنرال على طريقة «أنا أو لا أحد» علماً أنّ الحكومة التي كلف رئاستها كانت لها مهمة واحدة لا غير: التمهيد لانتخاب رئيس للجمهورية.

لن نعود الى تلك الأيام فقط نشير الى أنّ عون اعتقد أنّ الفرصة جاءته ولن يتخلّى عنها.

من هنا جاء التفاهم بين «حزب الله» وميشال عون، فالحزب بحاجة الى غطاء مسيحي، ودرس الوضع فتبيّـن له أنّ أهم شيء عند عون أن تعده بتأييده في الرئاسة، إلاّ ان المشكلة لدى الحزب المنطلق من التقيّة أنه يتفق على شيء وينفذ شيئاً آخر (تجربة انتخاب سليمان).

وميشال عون بالرغم من عداواته مع النظام السوري، وأنّه مع قيام الدولة، ولا يرضى بسلاح «حزب الله»… ولكنه تخلّى عن ذلك كله في سبيل أن يعمل رئيساً للجمهورية.

قادنا الى هذا الحديث ما نسب الى وزير الخارجية الأميركي جون كيري من كلام قاله أمام مطران بيروت ورئيس المجلس العام الماروني في باريس من أنّه سيكون للبنان رئيس خلال الشهرين المقبلين في ضوء الاتفاق بين واشنطن وطهران على الملف النووي.

لا شك أنني أقدّر تقديراً عالياً كم أنّ غبطة البطريرك الماروني الراعي لا يترك مناسبة: العظات واللقاءات الخ… إلاّ ويشدّد على ضرورة إجراء الاستحقاق… ولكن من أسف لا حياة لمن تنادي، وأقدّر أيضاً سمير جعجع الذي بالرغم من كونه زعيماً مسيحياً ويتمتّع بالمؤهلات كلها ليكون رئيساً للجمهورية، فقد أعلن غير مرّة عن استعداده للتخلّي عن ترشحه مقابل التوافق على مرشح ثالث بالرغم من أنّ فريق 14 آذار يدعمه بنحو نصف نواب المجلس. الى ذلك، فقد دخل في حوار مع «التيار الوطني الحر».

بكل بساطة وصراحة نقول: إنّ هذا الإستحقاق لا يمكن إلاّ أن يكون خارجياً وذلك لسبب بسيط، لأنّه للأسف الشديد، معظم القيادات السياسية، كي لا نقول كلها، تتلقى أوامرها من الخارج.

لذلك، فإنّ الاستحقاق لن يتم إلاّ بتوافق خارجي.