IMLebanon

“الوطني الحر” يتوقع “أن تحلّ اليقظة على الحريري”

 

كشفت عفوية رئيس الجمهورية ميشال عون في كلامه الى رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب حقيقة الوضع الحكومي. أجاب عون على سؤال عن تأليف الحكومة فقال: “ما في تأليف”، غامزاً من قناة رئيس الحكومة المكلف من دون ان يسميه ليقول: “بيقول اعطاني ورقة، بيكذب وعامل تصاريح كذب، وهلق ليك اديش غاب، ليك حظهم اللبنانيين، وهلق راح على تركيا”. كلام قابله الرئيس المكلف سعد الحريري برد عبر “تويتر” انتقى كلماته من الكتاب المقدس لا تتناسب والمشهدية السياسية. وبين الكلام والرد عليه وحدها الحقيقة الاساسية وهي ان حظ اللبنانيين عاثر فعلاً وقدرهم المحتم الانهيار على كل الصعد مع تفاقم حجم جائحة تخطف ارواحهم بالعشرات.

 

واذا فشلت الطبقة الحاكمة في الاتفاق على تشكيل حكومة فكيف لها ان تنهض بكل ما يعصف بالبلد من كوارث وأزمات. بالركون الى فيديو عون المسرّب او الى خطاب رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الاحد الماضي، يصعب التنبؤ بعد اليوم بامكانية تشكيل حكومة. اذ كيف لطرفين يتبادلان هذا المنسوب من انعدام الثقة وتبادل الاتهامات ان يجلسا الى طاولة واحدة؟ غادر الحريري البلاد متنقلاً بين باريس وتركيا والامارات حيث قابل عائلته، والتي تراوحت المعلومات المتداولة بشأنها بين من يقول انها نصحته بالاعتذار عن التشكيل، وبين من يقول انه لم يتمكن أصلاً من الاجتماع مع كبار المسؤولين فيها، وان رحلته لم تستكمل بزيارة خاطفة الى المملكة العربية السعودية. وكيف سيتمكن “حزب الله” من النفاذ الى وساطة تعطي مفعولاً وهو الذي يمارس في كل مرة دور الاطفائي، وقد عاد مجدداً الى سياسة جس نبض الافرقاء وسط اجواء توحي بأن “التيار الوطني الحر” كما عون، لن يرضيا بأي وساطة تمس بما تبقى من صلاحيات رئيس الجمهورية والعودة بالوضع بين الرئاستين الاولى والثالثة الى عهد الحريري الاب.

 

مشكلة الحريري في من حوله بالنسبة الى “التيار الوطني الحر” الذي تأمل مصادره ان يسلك الرئيس المكلف طريق بعبدا قريباً ولا يخرج منها الى بعد الاتفاق مع عون على الحكومة. واذا كان هناك من فهم من كلام باسيل انه لا يريد حكومة فهو بناء لتوصيف مصادر الوطني الحر “اما مغفل لا يفهم في السياسة او صاحب نية سيئة”. فما قاله باسيل “هو تعرية للأسباب الحقيقية” التي منعت التشكيل حتى الآن وهدفها “دفع الرئيس الحريري الى استعادة الصراط المستقيم في عملية التأليف، بعدما جنح أو جنحوا به عن هذا الخط المستقيم”. يشكك “التيار” وفق مصادره بوجود جهات في الخارج أو في الداخل او الإثنين معا “لا تريد تشكيل حكومة أو عرقلة تشكيلها، لأسباب منها ما يتصل بالتغيرات الدولية والإقليمية ومنها ما يتصل برغبة في إضعاف رئيس الجمهورية وصولاً الى اسقاطه ان استطاعوا”، قد تكون النوايا والغايات “ذات الطابع المعرقل أغرت الرئيس المكلف بأن يقرأ في كتاب غير كتاب الدستور”.

 

يلمس التيار الحر “وجود محاولة مقصودة من جانب تيار المستقبل لإسقاط روح الدستور ونصه في موضوع صلاحيات تأليف الحكومة”، مصراً على التذكير وفي كل مرة “ان المادة 53 من الدستور التي عُدلت في الطائف تعطي رئيس الجمهورية صلاحية تسمية الرئيس المكلف، بالتشاور مع رئيس مجلس النواب استناداً الى الاستشارات النيابية الملزمة، والمادة نفسها تنص صراحة على ان رئيس الجمهورية يصدر بالاتفاق مع الرئيس المكلف مرسوم تشكيل الحكومة، بعدما كانت هذه المادة تنص قبل الطائف على ان رئيس الجمهورية يعين الوزراء ويسمي من بينهم رئيساً للحكومة”، ويذكر كذلك أن “المادة 95 من الدستور تشترط أن تمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الحكومة”.

 

بناء على كل ما تقدم يصبح تأليف الحكومة في لبنان خاضعاً لمقتضيات ميثاق العيش المشترك وبالتالي لا يمكن لرئيس السلطات الذي كان قبل تعديل الدستور مطلق الصلاحيات في تشكيل الحكومة، “ان يتم التعاطي معه بعد تعديل الدستور وكأنه يمتلك صلاحيات تعقيب معاملات والتصديق على ما يأتي به رئيس حكومة، هذه مقاربة مرفوضة ولن نقبل بها”. بعد مكاشفة رئيسه يتمنى “التيار الوطني” أن “يعي رئيس الحكومة المكلف ان مصلحة لبنان تقتضي بتصويب مسار السلوك، ونتوقع منه التوجه الى رئيس الجمهورية ويعيد تصويب البوصلة ولا يخرج من بعبدا الا وقد اتفق معه، لا كما اقنعوه ان يرمي التشكيلة بوجه الرئيس ويغادر”. تصرف يقرأه “التيار” من باب انه “يضرب اسس الدولة وصيغة العيش المشترك”، متوقعاً “ان تحل اليقظة على الحريري”.

 

وما سمعه التيار من “المستقبل” أوحى أن الرئيس المكلف يؤلف وان عون يوقع “وهذا أخطر ما سمعناه”. ولذا فهو يتوقع ان يدرك الحريري “مخاطر هذا المنطق ويجري تنبيهه له انقاذاً للدستور وحماية للبنان ورأفة بالناس، الذين ينتظرون حكومة اصلاحيين وبرنامجاً اصلاحياً لإنقاذهم من الازمة”، آملاً “ان ينهي الرئيس المكلف مشواره الطويل خارج لبنان لأن الطريق الى بعبدا هي أقرب الطرقات بين اللبنانيين وكل اوتوسترادات العالم لا تساويها”.