IMLebanon

عون وميقاتي يُخالفان الدستور

 

نقلت مقرّرات مجلس الوزراء في ٢٩ أيلول ٢٠٢١ أن الرئيس عون اطلع مجلس الوزراء انّه «وفقاً للمادة ٥٢ من الدستور، وبالتنسيق مع الرئيس ميقاتي، فوّض لجنة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء، وعضوية وزيري المالية والاقتصاد والتجارة وخبيرين يمثلان رئاسة الجمهورية»، الأمر الذي يشكّل مخالفة فاضحة لأحكام الدستور، ذلك أن صندوق النّقد الدّولي هو وكالة ماليّة متخصّصة وليس دولة ذات سيادة. وعليه يكون قرار تشكيل اللجنة الوزارية للتفاوض معه من اختصاص مجلس الوزراء حصراً.

 

بمراجعة المادة ٥٢ من الدستور التي استند اليها قرار رئيس الجمهوريّة، نجد أنّها تنصّ على أن «يتولّى رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وابرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة. ولا تصبح مبرمة الا بعد موافقة مجلس الوزراء. وتطلع الحكومة مجلس النواب عليها حينما تمكنها من ذلك مصلحة البلاد وسلامة الدولة. امّا المعاهدات التي تنطوي على شروط تتعلق بمالية الدولة والمعاهدات التجارية وسائر المعاهدات التي لا يجوز فسخها سنة فسنة، فلا يمكن ابرامها الا بعد موافقة مجلس النواب». وبالاستناد الى ميثاق الأمم المتحدة لعام ١٩٤٥، يمكن تعريف المفاوضات الدوليّة على انها أداة لتسوية الصراعات بين الدّول ذات السّيادة في إطار القانون الدّولي، أو لإدارة حالات التعاون اللامحدودة بين الدّول العديدة.

 

وعليه، لا يمكن اعتبار التفاوض المزمع بين الدّولة اللبنانيّة وصندوق النّقد الدّولي على أنّه من المفاوضات الدوليّة، لأنه سيحصل بين دولة لبنان ووكالة ماليّة متخصصة من منظومة بريتون وودز التابعة للأمم المتحدة، أنشئت بموجب معاهدة دولية في عام ١٩٤٤ للعمل على تعزيز سلامة الاقتصاد العالمي. وبالتالي، لا يمكن الاستناد الى المادة ٥٢ من الدستور أو العمل بها لأنه لا يمكن عقد معاهدة دوليّة مع صندوق النّقد الدّولي.

 

من جهة ثانية، يُعتبر تعيين لجنة وزاريّة للتفاوض مع صندوق النّقد الدّولي من أعمال السّلطة التنفيذيّة بموجب المادّة ٦٥ من الدّستور التي نصّت على أنّه «تناط السلطة الاجرائية بمجلس الوزراء […] ومن الصلاحيات التي يمارسها (١) وضع السّياسة العامّة للدولة في جميع المجالات […]». وعليه يكون لمجلس الوزراء مجتمعاً صلاحيّة تشكيل وفد للتفاوض مع صندوق النّقد الدّولي عملاً بالمادة المشار اليها كون هدف المفاوضات مع الصندوق هو مناقشة طروحاته الماليّة والتوافق عليها وصولاً الى تطبيقها، وهي من الأمور التي تقع ضمن الصلاحيّة الحصريّة لمجلس الوزراء مجتمعاً.

 

في الخلاصة، الدستور ليس وجهة نظر لدى هذا الطرف او ذاك، وما يحصل اليوم هو مخالفة دستورية، تمثّلت باعتماد المادّة ٥٢ من الدستور بدلاً من المادّة ٦٥، أقدم عليها رئيس الجمهورية الذي يتعاطى مع الدستور ويطبّقه بشكل استنسابيّ في محاولة لفرض اعراف تؤدي بالبلد الى الهلاك، بعد أن أقسم أمام مجلس النواب يمين الإخلاص للأمّة والدستور، وعاونه على ذلك رئيس مجلس الوزراء الذي كان يبكي صلاحيات الرئاسة الثالثة المهدورة، ومع ذلك رضخ لإصرار رئيس الجمهورية إدخال إثنين من «حاشيته» إلى الوفد اللبناني لمفاوضات صندوق النّقد الدولي، علماً أن إمكاناتهما «متواضعة» في هذا المجال!