IMLebanon

الاستعصاء الوزاري: على الحكومة الالتئام وإلا فلتستقل!

 

لا يد لها لا في التحقيق العدلي ولا في الأزمة مع الخليج فلمَ تحميلها وزراً لا تطيقه؟

 

 

 

لم يعد استفحال التعطيل الحكومي ذا جدوى. في الأصل، لم يكن هذا التعطيل يوما مفهوما، منذ ان قرر الثنائي الشيعي تعطيل الحكومة الوليدة التي هو من أصرّ على تسمية رئيسها، وكانت له اليد الطولى في تسهيل تأليفها.

 

التعطيل الحكومي، كما بات معروفا، يتكئ على ذريعتين:

 

1- التحقيق العدلي، بإعتبار أن حزب الله ينظر الى ما وصله من معطيات تحقيقية على أنه استهداف له ولقيادته وامتداد لما يراه مؤامرة عليه، فيما تعتبره حركة أمل تصويباً عليها من خلال النائبين المطلوب التحقيق معهما، لذا هي سارعت الى اتهام رئاسة الجمهورية ومستشارين بالإمساك بالتحقيق وتوجيهه الى وصل اليه المحقق العدلي. علما أن تدقيقا بسيطا في ما تتهم الحركة القصر به لا يؤدي بالتأكيد الى ما ذهبت اليه. يكفي للدلالة على عدم صحة اتهام الحركة، أن المدير العام للجمارك بدري ضاهر لا يزال موقوفا في الملف منذ عام ونيف، وأن المحقق العدلي القاضي طارق البيطار لم يزر القصر يوما، وأن لا معرفة شخصية بينه وبين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، خلافا لما تردد قيادة الحركة عن اجتماعات لما تسميه الغرفة السوداء، تعقد في البياضة واللقلوق للتحكم بالتحقيق العدلي.

 

2- قضية كلام وزير الإعلام جورج قرداحي، وهي القضية التي تبدأ أي حلحلة لها بإستقالته، هذه الإستقالة التي لا بد أن تحصل أولا وآخرا، من غير ان يعني ذلك أن الأزمة مع دول الخليج سببها كلام وزير الإعلام. إذ ان الجميع على يقين بأن الحصار الحاصل والغضب المتصاعد سببه تردي علاقة الخليج مع حزب الله، وأن أي عودة عربية الى لبنان مشروطة بإخراج حزب الله من المعادلة الحاكمة، على ما تسميه غالبية دول مجلس التعاون.

 

لبنان يغرق تدريجياً ويسقط حراً نحو الارتطام الكبير

 

المفارقة أن أياً من الذريعتين اللتين تفرضان الإستعصاء الحكومي، لا يد للحكومة فيهما.

 

أ- فقضية التحقيق في المرفأ شأن قضائي بحت، والاستجابة الى هواجس الثنائي الشيعي لا بد أن تكون من ضمن السياق القضائي حتى لو كانت حجة الثنائي (وهي حجة لا تستوي قانونا) أن الحكومة هي من عيّنت المحقق وأنها هي من تقيله.

 

ب- ومسألة إحالة المتهمين الى لجنة تحقيق نيابية ومن ثم الى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء شأن يخص المجلس النيابي ورئاسته، وهو أمر لا يزال معلقا بحجة مقاطعة التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية الجلسة التي سبق أن دعت اليها رئاسة البرلمان لبت المسألة. فيما الحقيقة أن التيار قاطع الجلسة لإفتقاد الدعوة اليه الى السند القانوني، وأنه مستعد لحضور أي جلسة جديدة تأتي ضمن الأصول، بصرف النظر عن موقفه من إحالة النواب المتهمين الى المجلس الأعلى، وهو أمر لن يصوت عليه بالإيجاب.

 

مؤدى تلك القراءة أن أياً من الأطراف، ما خلا الثنائي، لم يعد قادرا على احتمال استمرار تعطيل عمل الحكومة. فالتحديات التي تواجهها كثيرة، وتفترض تحركا عاجلا على المستويين المعيشي والاقتصادي– الإجتماعي، فيما الدولار يناهز معدلات قياسية تتهدد الأمن الاجتماعي والغذائي للبنانيين (استفاقت حاكمية مصرف لبنان فجأة على الكارثة ببيان مسائي باهت لا يسمن ولا يغني من جوع!). أما مسألتا التدقيق الجنائي والبرنامج مع صندوق النقد الدولي فمعلقتان على التقدير الشخصي للحاكم، فيما لبنان يغرق تدريجا ويسقط حرا نحو لحظة الارتطام الكبير. وليس خافيا ان الحاكم رافض للبرنامج جملة وتفصيلا، ويقول ان لديه خطته للخروج من الأزمة.

 

هل من مخرج لهذا الإستعصاء؟

 

بإعتقاد مرجع رفيع أن المسألة لم تعد تحتمل مزيدا من التسويف الحكومي وهدر الوقت الثمين. فإما ان يبادر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى دعوة مجلس الوزراء الى الإنعقاد، وليتحمل كل فريق مسؤوليته الوطنية والسياسية، بالمشاركة او بالمقاطعة والحرد، وإما فللتجه الحكومة الى الإستقالة الصارخة إحتجاجا وإسقاطا للمسؤولية عن كاهلها وكاهل رئيسها. من غير هاتين الخطوتين سيتستمر الاستنزاف الوطني والسياسي، وسيُقاد اللبنانيون الى حتفهم لا محالة.