IMLebanon

في بلاد ما بين الصهرين

 

 

 

مررت ذات يوم بمعرض سيارات، بحثاً عن سيارة “لقطة” لجهة السعر والجودة والزوائد. وقفت أتامل الـ “رانجات” المصطفة بمهابة فشتتت تأملاتي محادثة بين صاحب المعرض وزبون غير شكل:

 

قلت لي 12 ألفاً و300 دولار؟ سأل الزبون، متجاهلاً أن السعر مثبت على مثلث كرتوني مقروء بوضوح من اتجاهاته الثلاثة.

 

أجاب صاحب المعرض: وربحان بالبيعة وحياة شواربك 300 دولار.

 

فتح الزبون الحليق غطاء الـ “بي أم دبليو” وبدأ يفحص الموتور. دوّر السيارة وأصغى كطبيب إلى صوت المحرّك. “متل النحلة” قال صاحب المعرض. “بس في طقة على الآريير” علق الزبون وبرم برمتين حول السيارة هزّها بعنف. لبط الدواليب. نخ تحتها. تنقوز على ديبو الإيشبمان ثم عاد ليتفحص طبشة الأبواب وخلص إلى: “بدّها أمورتوسيرين جداد وكتاليزور وزنّار بويا ” فصحح له صاحب المعرض” وج بوليش ناعم بتصير متل العروس”.

 

• “12 ألف و300 كتير، بدك تعملي سعر. وهيدي عمرها 14 سنة”.

 

– كرمالك 12 ألف وولا دولار أقل . وما ربحان دولار وحياة ولادي.

 

• “الفرش مش كل هالقد… حاتت برأيي السيارة بتستاهل تسعا مش أكتر”.

 

– الهيئة يا إستاذ إنت ما بدك تشتري.

 

• وإنت معلّم الظاهر ما بدك تبيع.

 

فرطت البيعة تحت نظري. وتجنباً للجدال الـ”بلا طائل” سألت صاحب المعرض عندما اقترب مني يسبقه كرش بقطر يوازي قطر سيترن: بلاقي عندك شي نضيف وبيحمل دعك والـ budget بين الـ3000 و3500 دولار؟

 

ـ عندي طقم كنبايات جلد! أجاب بفظاظة.

 

بما تختلف المفاوضة بين السيد الرئيس ودولة الرئيس عن تلك التي جرت بين صاحب المعرض والزبون الحريص على حلب النملة؟

 

تذكرت قصة “لا إنت بدك تشتري ولا إنت بدّك تبيع” عندما استنتج السيد الرئيس أن سعد الحريري ما بدّو يشكل حكومة. وواقع الأمر أن الحريري لم يكن بوارد تشكيل حكومة بمواصفات ومعايير عونية والدليل أنه قدم تشكيلتين واحدة اعتبرها عون Brouillon والثانية “فخّت” بها كزبون معرض السيارات. وإلى مسامع نجيب ميقاتي وصل كلام من بعبدا يتّهمه بأنه متقلّب كسلفه، وهو لا يريد تشكيل حكومة، متجاهلاً أن ميقاتي يرفض أن يكون رئيس حكومة يمسكها عون من قرنيها و”يبطحها” ساعة يشاء.

 

وإلى كواليس التأليف المتعثّر دخل صهرٌ جديد، وهو قنصل موناكو مصطفى الصلح، صهر طه ميقاتي. الصهر يفاوض الصهر. واللواء ينقل الشروط والمطالب بين عون والميقاتي. هيدا طويل قصّرو وهيدا قصير طوّلو.

 

الصهر بالصهر يُذكر. يوم كان الجنرال عون يخوض معارك طاحنة للإتيان بصهره العميد شامل روكز قائداً للجيش خلفاً للعماد جان قهوجي، أطلق الزميل موفق حرب هاشتاغ بلاد ما بين الصهرين. فهل نشهد اليوم على ولادة حكومة التوافقات ما بين الصهرين؟