IMLebanon

مطالب عون المكرّرة من ميقاتي

 

هل تغيّر شيء في المواقف من عملية تأليف الحكومة حتى يأمل اللبنانيون بأن يشهدوا ولادتها لعلها تخفف من أضرار الانهيار الحاصل، تمهيداً لتنفيذ خطة التعافي باتفاق مع صندوق النقد الدولي؟

 

معظم المفردات التي نسمعها وشكلت ستاراً للمناورات التي غلّفت تعطيل تشكيل الحكومة مع السفير مصطفى أديب، ثم مع الرئيس سعد الحريري، تتكرر في مواقف بعض الفرقاء قبل وبعد تكليف الرئيس نجيب ميقاتي. من لم يسمّوا الرئيس المكلّف بعضهم يقول إنه لا يريد أن يشارك في الحكومة، ولكنه في الاجتماعات المغلقة يطالب بحقائب ويشترط أحجاماً معينة في التركيبة الحكومية، وصولاً إلى الثلث المعطل. وبعض ممّن لم يسمّوا يقول إنه يريد المشاركة وله مطالب توزيرية. والبعض الآخر ممن لم يسمِّ ميقاتي يترك لنفسه هامش مناورة فلا يطلب شيئاً على الفور، حتى إذا جاء وقت الحسم وجرت حلحلة عقد تتعلق بغيره من الفرقاء، طرح مطالبه في السر والعلن مهدداً بالويل والثبور ورفع لواء حقوق الطائفة…

 

في تسمية ميقاتي شهدنا إعادة مملة للتعبير عن الموقف من تسمية الحريري، بكلمات مرادفة، مع بعض الفوارق. فالأخير لم “يأتمنه” رئيس “التيار الحر” على الإصلاح. وجرى اعتماد إخراج آخر بعدما أسقط السفير السابق والقاضي في محكمة العدل الدولية نواف سلام مناورة تسميته من قبل “التيار”، برفضه استخدامه مطية لتصفية الحسابات من أحد فرقاء المنظومة الحاكمة المشكو منها، مع فرقاء آخرين وبعدما وجد الحليف، “حزب الله” أنها مناورة ثقيلة. أما ميقاتي فالتجارب معه “لم تكن مشجعة”، وهي العبارة المرادفة لعدم “ائتمان” الحريري. ويكاد المريب يقول خذوني حين يشترط باسيل على ميقاتي إنجاز الحكومة خلال شهر لا أكثر، بما يعني أن في ذهنه التعطيل من البداية.

 

جرى توزيع للأدوار هذه المرة بحيث يمتنع النائب طلال أرسلان عن حضور الاستشارات الملزمة بدلاً من الحضور وعدم تسمية ميقاتي، بينما انضمت كتلة نواب الأرمن إلى حجب أصواتها عن ميقاتي فيما كانت منحتها للحريري. واصل “حزب الله” عملية التناغم في الأدوار (بدل توزيعها حتى لا يبدو الأمر فاقعاً)، بأن سمى ميقاتي، بعد أن كان حجب أصواته عن الحريري، لإخراج نفسه من دائرة الاتهام الذي انصب عليه بأنه يقف وراء تشبث عون وباسيل بالمطالب التعجيزية التي مددت الفراغ تسعة أشهر، بأنه يترك لغيره أن يضع العصي في الدواليب لأغراض إيرانية. لكنه برّأ نفسه سلفاً من تهمة التعطيل بقول رئيس كتلة نواب “الحزب” محمد رعد في سياق تسمية ميقاتي: “لا نعرف بتظبط أو ما بتظبط”. أي أن في حسابه ألا ينجح ميقاتي في المهمة لمعرفته بشروط الحليف عون وباسيل وبأنها نسخة عما طرحه مع الحريري. لكن “الحزب” في هذه الحال يكون قد انسجم مع الإجماع السني وقرار رؤساء الحكومات السابقين. وهو انسجام يلح عليه رئيس البرلمان نبيه بري ويحرص عليه “الحزب” أيضاً تجنباً للحساسية السنية الشيعية.

 

ما قيل في الغرف المغلقة نسخة طبق الأصل عما كان سمعه الحريري من رئيس الجمهورية عند تكليفه. وعلى ذمة الراوي فإن الأخير أبلغ ميقاتي أنه يريد من الحكومة المقبلة:

 

– إقالة رياض سلامة.

 

– التزام التدقيق الجنائي في كل المؤسسات بدءاً من المصرف المركزي مع ما يعنيه ذلك من إدانة قيادات. لم يعرف ما إذا كان كرر على مسامع الرئيس المكلف الجديد أنه سيدين بري والحريري، وجنبلاط.

 

– أن يسمي هو من يتولى حقيبة الداخلية، إضافة إلى حقيبة العدل. والجديد إعادة الوزير السابق سليم جريصاتي إليها.

 

يبدو أن الفريق الرئاسي يفهم قدرة ميقاتي على “تدوير الزوايا” على أنه إذعان من قبله من دون أي تنازل مقابل.