IMLebanon

بين ميقاتي و”العهد”: لا كيمياء ولا بلدية “ميناء”

 

لافتاً، كان اتصال رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي بوزير الداخلية في حكومة حسان دياب محمد فهمي. فميقاتي الذي لم يلتقِ دياب كباقي رؤساء الحكومات السابقين، ويُحكى عن أن علاقته بدياب – الذي أتى إلى السياسة لأول مرة وزيراً للتربية في حكومة ميقاتي نفسه – ليست على ما يرام، لكنه يتصل بوزير داخليته ويُعمّم مكتبه الخبر على الإعلام، فما القصة؟

 

قد يرى البعض أن الموضوع الذي اتصل لأجله ميقاتي بفهمي بسيط جداً، لكنّ بالنسبة إليه هو غير ذلك تماماً. إنها بلدية الميناء التي لطالما كانت مجالسها ورئاستها تأتي محسوبة على ميقاتي الذي يُقيم في ميناء طرابلس، حيث يبعد قصره مسافة أمتار عن مبنى البلدية، أو القصر البلدي ـ إن صحّ التعبيرـ والذي بناه ميقاتي على نفقته وقدّمه هبة إلى البلدية وأهالي الميناء، هذا مع ما تعني هذه البلدية من رمزية بالنسبة إليه. ومع أن الخبر الموزّع عن اتصال ميقاتي بفهمي كان قد استهلّ بطلب الأول من الثاني ضرورة تخفيف إجراءات “كورونا” والسماح بفتح أسواق المدينة على أبواب شهر رمضان، بعد تلقّي ميقاتي مراجعات من جمعية تجار طرابلس وأصحاب المحلات، إلا أن الأهم في الإتصال هو ما ذكره آخر الخبر بأن ميقاتي استوضح وزير الداخلية عن موضوع استمرار الشغور في رئاسة بلدية الميناء، وتبلّغ منه أنه “في صدد اتخاذ القرار المناسب بهذا الشأن قريباً جداً”. وفي الحقيقة فإن لبّ القصة هنا: مصير بلدية الميناء.

 

لا كيمياء بين ميقاتي وعون

 

ففي غمرة ثورة تشرين وأحداثها، وفي كانون الأول من العام الماضي تحديداً، وعلى خلفية انهيار مبنى الفوال في حي الأندلس في الميناء، التابع لآل كاخيه، ووفاة الشاب عبد الرحمن وشقيقته راما في هذه الحادثة التي فجّرت غضباً كبيراً وواسعاً للأهالي على المجلس البلدي ورئيسه عبد القادرعلم الدين، القريب من ميقاتي، وما أعقب ذلك من تظاهرات أمام مبنى البلدية، وتكسير واجهتها، قدّم عدد من أعضاء المجلس البلدي في الميناء استقالاتهم ليصبح المجلس بحكم المنحلّ. وفي نظرة على الواقع السياسي لبلدية الميناء، فلطالما كانت مجالسها تأتي باتفاق معيّن بين الرئيسين ميقاتي وسعد الحريري، حيث كان ميقاتي يقدم تنازلات كثيرة، كأن يتخلى عن رئيس بلدية طرابلس لتكون رئاسة بلدية الميناء من حصته، بينما تُحفظ حقوق “المستقبل” من ضمن تركيبة المجلس. وبما أن قصّة الإنتخابات في البلديات الشاغرة غير واردة في هذه الظروف، فإن القانون يقول إن البلديات المنحلة، تعود أمور إدارتها إلى محافظي المناطق حصراً، ما يعني أن أمر إدارة بلدية الميناء كان يُفترض أن يؤول إلى محافظ الشمال رمزي نهرا. وتفيد معلومات “نداء الوطن ” بأن نهرا، حتى اللحظة، لم يتسلّم إدارة بلدية الميناء بسبب عدم رغبة ميقاتي المبطّنة في أن تؤول البلدية إلى المحافظ الذي يحمّله ميقاتي، كما يبدو، وِزر خلافه الدائم مع العهد و”التيار الوطني الحر”، وغياب التواصل السياسي بين ميقاتي وعون، وحتى بين ميقاتي ونهرا المحسوب على “التيار”.

 

إلى ذلك، تشير المعلومات إلى أن الوزير فهمي حاول في مجلس الوزراء تمرير إسم أحد الأشخاص المحسوبين على ميقاتي، وهو موظف في سراي طرابلس، لادارة العمل في بلدية الميناء وتسيير المهام، لكنّه جُوبه برفض الفريق الوزاري المحسوب على رئيس الجمهورية. وتشير الأوساط إلى أن رئيس الجمهورية عون قال حينها للوزير فهمي: ماذا يقول القانون؟ أن تؤول الأمور إلى المحافظ وليس بالتعيين، طبّق القانون وسلّم الأمر للمحافظ”. بعد كلام عون الواضح هذا والذي فُسّر عدم رغبة منه بإسداء هذه الخدمة إلى ميقاتي مجّاناً، يجري الحديث عن أن الوزير فهمي يحاول طرح اسم جديد، غير الإسم الأول المحسوب على ميقاتي بالكامل، وهذه المرة اسم رئيسة قسم في محافظة الشمال لإدارة ملف بلدية الميناء، لكن الأمر كما يبدو، خرج من جعبة فهمي وأصبح ملفاً جديداً، في سياق الكِباش السياسي بين العهد وميقاتي.

 

في سياسة البلاد العامة، يقف الرئيس ميقاتي اليوم، مع رؤساء الحكومات السابقين، إلى جانب حليفه اللدود الرئيس سعد الحريري. حتى في تصويب الحريري على العهد والحكومة، فإن ميقاتي ورؤساء الحكومات السابقين، إلى جانب الحريري وكان واضحاً بيان اجتماعهم الأخير. لذلك، فإن ميقاتي يفضّل ألف مرة سؤال الوزير فهمي، المحسوب على دياب، عن مصير بلدية الميناء ولماذا لم يتخذ القرار بشأنها بعد، على أن يطلب ذلك، لو لمرّة واحدة، من عون أو من الفريق الحكومي المحسوب عليه. في المحصلة، ميقاتي يرفض استلام نهرا المحسوب على فريق العهد مهام البلدية وإدارتها، بينما يرفض العهد تعيين موظف لإدارة البلدية كما يطلب ميقاتي، والعمال يتظاهرون قبل أسابيع مطالبين بضرورة تعيين إداري في البلدية، وسواء كانوا مدفوعين من جهة سياسية أم لا، فإن من حقهم أن يقبضوا رواتبهم، وأن تُيسّر أمور الناس، وألا يبقى مصير بلدية الميناء معلّقاً على حبال الإشتباك السياسي العوني – الميقاتي.