IMLebanon

العريس وأمّه وأبوه

 

 

ماذا يفعل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ولمن يقدّم عروضه في بدعة الإجتماعات الوزارية التي يستعيض بها عن فتوى تحريم إنعقاد مجلس الوزراء؟

 

ماذا سيتغير على الأرض إن هو ترأس اجتماعات موسعة لمتابعة المواضيع التي تضمنها البيان الفرنسي/السعودي كشرط لتستعيد الدولة نفسها بداية، ولتستعيد علاقات طبيعية مع محيطها وامتدادها العربي؟

 

هل يصدق ميقاتي أن في هذه الدولة من يقدر، بإجتماعات وقرارات، على لجم “حزب الله”، والنجاح في ضبط الحدود وإقفال معامل الكبتاغون المعروفة مواقعها وتحقيق حلم حصر السلاح بالمؤسسات العسكرية الرسمية، وكذلك التحكم بقرارات الحرب والسلم وتنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بضمان سيادة الدولة اللبنانية على أراضيها؟

 

إظهار حسن النوايا ليس كافياً، كذلك ليست كافية مسارعة ميقاتي إلى الإيحاء عبر حكومته الممنوعة من الإنعقاد، بعزمه على تأمين المطلوب لتنفيذ بنود البيان الفرنسي/السعودي. فالإجتماعات المتلاحقة قد تؤمن الشكل، لكنها لا تفي بالمطلوب، باعتبار أن تطبيق المضمون يتطلب ما هو أكثر بكثير.

 

بداية، يتطلب التطبيق عدم تجاهل ميقاتي أن هذه الحكومة إنما أُفْرِجَ عن تشكيلتها ليصار إلى تعطيلها غب الطلب عندما تفرض أجندة “حزب الله” ذلك. بالتالي الغاية من هذه الحكومة كانت ولا تزال إمكانية شلها في ابتزازات لن تقف عند قضية “قبع” القاضي طارق البيطار، لتتواصل متى استوجبت الأجندة ذلك.

 

ربما المطلوب الإقرار بالوقائع التي تؤكد أن رئاسة الحكومة تحولت إلى مكسر عصا الحزب. ليس لضرب الطائفة السنية فقط، ولكن لأنها السلطة التنفيذية، بالتالي فإن شلها للإبتزاز يؤدي وظيفته.

 

في المقابل، تبقى قرارات إجتماعات اللجان الوزارية حبراً على ورق، لأن الحزب الحاكم بأمره لا يقيم وزناً، ليس فقط لهذه الحكومة ولكن لمن ساهم بتيسير ولادتها. وهو لا يربح منة أو جميلاً لماكرون بذاته، فكيف سيثمن جهود ميقاتي ومراعاته “الواقع اللبناني”، أي “سيطرة “حزب الله” على الدولة”، وسعيه المستمر عبر تدوير الزوايا للإبتعاد عن المواجهة وما يستتبعها من تصادم، وطول باله على البلايا التي تحول دون قيامه بوظيفته الأساسية كرئيس لمجلس الوزراء؟

 

ففي منظار الحزب يصبح غير محايدٍ من يلمِّح ولو تلميحاً إلى مصادرته السيادة وسيطرته على المؤسسات وفرضه السياسة الخارجية للبنان، وإلى دوره العلني في مضبطة الإتهامات التي تضمنها البيان.

 

والإنتهاكات الناسفة للدولة ومؤسساتها لن تتغير ولن تتبدل بموجب بيان. وتصبح رماداً في مهب الريح مراعاة الرئيس الفرنسي، حتى تاريخه، لتعويم الحزب الإيراني الإنتماء والإلتزام، كفريق لبناني منتخب من الشعب، وتحديداً بعد جريمة تفجير مرفأ بيروت، لكن عليه بعض الموجبات ليبرهن هويته اللبنانية.

 

من هنا، يبدو ميقاتي في وادٍ ووسائل تنفيذ بنود البيان الفرنسي/السعودي في وادٍ آخر. فهذه الوسائل تتطلب مقاومةً جدية وفعالة لمصادرة السيادة التي يفرضها المحور الإيراني على لبنان.

 

وتفاؤل ميقاتي بإمكانية الخروج عبر اللجان الوزارية والمواقف الزئبقية، من مأزق إبقاء لبنان ورقة مرهونة لهذا المحورعلى حساب إقتصاده وإنهياراته المتلاحقة، يشبه تفاؤل العريس الموافق هو وأمه وأبوه على العروس، التي لا تزال هي وكل عائلتها مترددين في قبول طلبات القرب.

 

لكن هذا التردد لا يمنع العريس المتفائل من مواصلة التحضيرات لحفل الزفاف على أمل القبول، ليجتمع حينها، مجلس الوزراء وتفتح السفارات ويعود السفراء من الجانبين و.. تقام الأفراح والليالي الملاح.