IMLebanon

ترطيب العلاقة بين «القوات اللبنانية» و«حزب الله» جزءٌ من المشهد الممهِّد لقانون الإنتخاب

«ثمَّة من هو مكلَّفٌ بإفساد الصِلة المسيحية – الشيعية القائمة على ثوابت سياسية»
ترطيب العلاقة بين «القوات اللبنانية» و«حزب الله» جزءٌ من المشهد الممهِّد لقانون الإنتخاب
الجهد الإستثنائي المطلوب في المرحلة المقبلة لإنضاج قانون انتخاب جديد يحتاج إلى مساحة واسعة من التفاهمات الحزبية والسياسية

حرّكت الإشارة الإيجابية تجاه القوات اللبنانية، والتي أوردها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في معرض إطلالته الأخيرة، المياه الراكدة في العلاقة بين الحزبين، والتي في الأساس لم تستوِ يوماً نظراً الى ما يحكمهما من تباعد على المستويين الإستراتيجي والسياسي – الإجتماعي.

قبل خطاب السيد نصر الله، لم يبدِ الحزب يوماً رغبة في جَسْر المسافة الفاصلة مع القوات، لا على مستوى العلاقة السياسية، ولا حتى على مستوى العلاقات الشخصية بين نواب وقياديي كل منهما.

حاولت القوات أكثر من مرة بعث الاشارات الايجابية من غير أن تلقى الصدى المطلوب. وحاولت ستريدا جعجع أكثر من مرة، من التصريح الوجداني في آذار 2014 من ساحة النجمة عندما جعلت «المقاومة» الكلمة الجامعة ونقطة الإلتقاء المفترضة بين الحزبين، وعددت نقاط الشبه بينهما، واصفة الحزب بـ«الشريك»، ومشيرة الى أن الدكتور سمير جعجع والسيد نصرالله بقيا على الرغم من المخاطر إلى جانب جمهورهما. وشبّهت وجود نصرالله «تحت سابع أرض» بدخول جعجع الى السجن. وعادت جعجع لتؤكد في بدايات العام 2015، أن «حزب الله هو شريك أساسي في التركيبة اللبنانية، وتالياً لا خيار لنا إلا أن نكون سوياً تحت كنف الدولة اللبنانية»، وأنه «سيأتي يوم تجلس فيه القوات مع حزب الله الى طاولة واحدة».

كان جواب الحزب تكراراً أنه لا يرغب راهناً في أي علاقة مباشرة، أو أن الأوان لم يحن بعد لبدء أي أمر مماثل. فما الذي تغيّر حتى يخُصّ السيد نصرالله، ربما للمرة الاولى، القوات اللبنانية برسالة سياسية أقرب الى الإعتراف العلني بها كقوة سياسية لها حضورها ووزنها، ليُخال للمراقب للوهلة الأولى أن «الطاولة الواحدة» ستجمع الحزبين في أوان قريب؟

ثمة مِن المراقبين مَن لا يستبعد دوراً للتيار الوطني الحر، وإستطراداً للعهد الرئاسي الجديد، في السعي الى ترطيب الصِلة بين الحزب والقوات، من دون توهّم نتائج باهرة وسريعة على هذا الصعيد، نظراً الى مجموعة التباينات الإستراتيجية والآنية التي تحول دون تقارب جدي بينهما.

ويعتبر المراقبون إياهم أن إشارة السيد نصر الله تجاه القوات يمكن أن تكون جزءًا من مسعى التيار هذا، وخصوصاً أن العهد الجديد يعتبر نفسه أنه عقدة الوصل بين مختلف المكونات السياسية اللبنانية، وهو مع التيار لن يألوَ جهداً لتعميم مبدأ المصالحات والتفاهمات.

ويرى هؤلاء أن الجهد الإستثنائي المطلوب بذله في المرحلة المقبلة لإنضاج قانون إنتخاب جديد يحتاج الى مساحة واسعة من التفاهمات الحزبية والسياسية، ويصبح إذّاك فتح ثغرة في العلاقة بين الحزب والقوات جزءًا أساسياً في المشهد الممهِّد لإنضاج هذا القانون، خصوصاً أن الظروف الاقليمية المحيطة قد تشكّل عاملاً مسهلاً لحوار، مباشر كان أم بالواسطة، كما أن التوافق بينهما على قانون يعتمد النسبية يشكل هو الآخر نقطة إلتقاء يمكن البناء عليها في هذا السياق.

في الموازاة، تبدي قيادة التيار الوطني الحر إرتياحاً للإيجابية التي ظهرت بين الحزب والقوات في الفترة الأخيرة، نظراً الى أن من شأن كل تواصل، مهما كان شكله أو بلغ مداه، أن يصب في خانة رغبة العهد في إرساء مروحة من التفاهمات بين مختلف القوى.

وترى القيادة أن الاسابيع الأخيرة، وخصوصاً تلك التي تلت انتخاب الرئيس العماد ميشال عون، حملت نوعاً من التوتر في العلاقة بين المكوّن المسيحي وبعض جمهور المكوّن الشيعي بفعل مجموعة عوامل أبرزها عائد الى ذيول ورواسب رافقت وتلت التسوية الرئاسية، لذا كان لزاماً على قيادة التيار، بالتشاور والتنسيق مع حزب الله ومع القوات اللبنانية، العمل بكل جهد لتبديد هذا التوتر أو كل ما من شأنه المسّ أو التأثير سلباً في العلاقة بين المكونين المسيحي والشيعي.

وإذ تؤثر قيادة التيار عدم التعليق عند سؤالها عن إحتمال أن تكون الاشارة الايجابية التي خصصها السيد نصر الله للقوات اللبنانية، قد جاءت بناء على نصيحة التيار أو بمسعى منه، تعتبر أن ثمة من لا يزال لا يضمر الخير للبنانيين، «لا بل ثمة من هو مكلَّفٌ بإفساد العلاقة المسيحية – الشيعية القائمة على ثوابت سياسية، وهو أمر لن يمرّ لا علينا ولا على المكوّن الشيعي مهما بلغ السعي الفتنوي مداه، وأنى إشتدت أدواته».