IMLebanon

الأقوياء.. والمصطفى

 

لا نعرف شيئاً يُبنى عليه عن رئيس الحكومة العتيد مصطفى أديب. ما ورد عبر وسائل التواصل الإجتماعي لا يكفي لنحكم عليه. لكن ما نعرفه أنّ الأقوياء المُتحكّمين بمنظومة السلطة، حتّى تاريخه، لن يتراجعوا عن إصرارهم على السيطرة أكثر فأكثر على مفاصل مصيرنا، وبإستشراس ووحشية. لذا كان إبداعهم الثاني، بعد الإبداع الأول المُتمثّل بالساكن السابق للسراي، والذي صار نسياً منسياً ما ان أنهوا له دوره.

 

ولأنّ جانب هؤلاء الأقوياء لا يُؤْمَن، لا نجرؤ على إقتراف فعل الأمل بالرقم الثالث في تراتبية الحكم، وبقدرته على تذليل العقبات التي تطيح بحاضر اللبنانيين ومستقبلهم.

 

ولا نحتاج الى فيض من الإستبصار لنتلمّس العناوين التي تشير الى أنّ إختيار “المصطفى” هدفه واحدٌ أوحد، وهو بقاء هؤلاء الأقوياء على قوّتهم، فالسفير المغمور لا يملك العراقة في السلطة والنفوذ لمواجهتهم، والجلوس ندّاً الى جانبهم، ولا ظلّ له في الحياة السياسية. كان في سفارته سلطاناً مكفياً، فجاؤوا به وشرّعوا له أبواب الحلم بلقب “دولة الرئيس”، بمعزل عن النتائج.

 

أمّا ما بعد اللقب، ففي باطن الأيام المقبلة سنكتشف المستور. بداية، في كيفية تشكيل الحكومة، وما إذا خضعت العملية لأسلوب شبيه بما كان يحصل في زمن رستم غزالي، أو أنّ العصي ستوضع في دواليب السفير، إمّا لإفشاله ودفعه الى الإعتذار، أو لضمان ترويضه. ومن ثمّ في أداء هذه الحكومة وتعاملها مع الإستحقاقات الموجودة والمستجدّة والمقبلة.

 

ولا لزوم لإستكشاف ملامح خطّة الأقوياء الداعية الى هذا الإختيار. لكن في خضمّ كل الأعاصير التي تعصف بلبنان، تصبح مسألة تشكيل حكومة تفصيلاً تافهاً مع خريطة الطريق التي تمّ فرضها على اللبنانيين قبل الإعلان عن التسمية.

 

والواضح، كما أبلغنا أقوى الأقوياء، أن لا تساهل في المعايير التي يُمكن أن تصدّع إطباق مِحور إيران وتوابعه على لبنان. وحدّد حصراً معيار وسيلة التظاهر للإحتجاج، فوضع خريطة طريق لهذه الوسيلة، رفع السقف. ففي حين يستطيع بفتوى شرعية إنزال عشرات الآلاف الى الشارع، على الرافضين هذه المنظومة والسلاح غير الشرعي والوصاية الإيرانية على لبنان، أن يحشدوا أكثر من مليون. حينها فقط يمكن لأقوى الأقوياء أن يلاحظهم، أقلّ لا ينفع.

 

ولا ينفع كذلك، إجتراح العهد القويّ مهزلة الدولة المدنية، بالتزامن مع بضع درّاجات نارية يقودها حاملو هتافات “شيعة.. شيعة” ليقوضوا أي نية للتعبير عن رفض المنظومة. أي دولة مدنية هذه التي يعِد بها من لم يوقّع مرسوم حرّاس الأحراش لأنهم من طائفة غير طائفته؟؟

 

أيّ دولة مدنية هذه مع القمع المتصاعد للإعلام ووسائله، من العهد القويّ ومن أقوى الأقوياء؟؟

 

فهذه الوقائع تدفعنا الى الاستنتاج أنّ من يحتقر القوانين والدستور سيواصل الإلتفاف على أي مطلب لهؤلاء الذين لا تنطبق عليهم المعايير، العدّة جاهزة مع ارتفاع وتيرة الحروب الصغيرة والافتعال الإرهابي ومزيد من التجويع مع الأزمات الإقتصادية المرتقبة، والتلويح برفع الدعم عن سلع أساسية.

 

بالتالي، لن يقدّم أو يؤخّر في انهيار لبنان تشكيل حكومة جديدة، وتحديداً مع تسمية ضعيفة، بمعزل عن “المصطفى” لها، فالهدف من هذه التسمية هو إبراز قوة الأقوياء، في اعتبار أنّ الضدّ يظهر حسنه الضدّ…