IMLebanon

البلديات وقانون الانتخاب يغطيان الوقت الضائع

ليس هناك أفضل من استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية ومِن فتح ورشة قانون الانتخاب العتيد لملء فترة الوقت الضائع المستمرة فصولاً في البلاد إلى أن تصدر «كلمة السر» الموعودة في شأن الاستحقاق الرئاسي.

فالانتخابات البلدية والاختيارية تشغل هذه الايام اللبنانيين بكل طوائفهم ومذاهبهم وأحزابهم ومشاربهم السياسية في شأن انتخابي يفترض انّ طابعه إنمائي أكثر منه سياسي تتكوّن منه الادارات المحلية البلدية في المدن والبلدات والقرى على امتداد لبنان، وصحيح أنها تحدث تنافساً انتخابياً وسياسياً وعائلياً بين اللبنانيين ولكنها ستشكّل بنحو أو بآخر صورة مصغّرة عن الانتخابات النيابية التي يفترض أن تتم بين نهاية أيار وبداية صيف سنة 2017، وتفتح للقوى السياسية على اختلافها باب التحضير لذلك الاستحقاق النيابي المعطّل منذ العام 2013 حيث لم تجرِ الانتخابات النيابية وتمّ تمديد ولاية مجلس النواب الحالي لولاية جديدة، ولَو على دفعتين.

وعلى رغم المخاوف التي يبديها البعض من احتمال أن يؤدي هذا التنافس البلدي إلى تصعيد التوتر والتشنج الطائفي والمذهبي السائد في اتجاه يهدد بحصول أحداث وقلاقل أمنية خطيرة في البلاد، فإنّ ما بَدا حتى الآن يَشي بأنّ أحداً من اللبنانيين على المستويين الحزبي والشعبي ليس في وارد الاشتباك مع الآخر بسبب مقعد في هذا المجلس البلدي أو ذاك، أو انتخاب مختار لهذه المحلّة أو تلك، بل على العكس هناك مَن يدفع بقوة لإنجاح هذا الاستحقاق البلدي لكي يثبت اللبنانيون مرة جديدة أنهم أقوى من الفتنة، وأنهم متمسكون بسلمهم الأهلي وليسوا في وارد تكرار التجربة المأسوية التي عاشوها على مدى 17 عاماً، ففي المعيار الأمني وفي ظل التشنّج المذهبي والطائفي يعتبر الاستحقاق البلدي أكثر خطورة من الاستحقاق النيابي.

ففي الأول تنافس عائلي وطائفي وربما مذهبي وسياسي وحزبي بينما في الثاني تنافس سياسي بامتياز، والتنافس الآخر فيه يكاد لا يذكر، في اعتبار أنّ كل مذهب وكل طائفة معروفة دستورياً حصتها من المقاعد النيابية، فهناك المناصفة في عدد النواب بين المسيحيين والمسلمين في المجلس النيابي، بينما ليست هناك مناصفة مماثلة في أعضاء المجالس البلدية تبعاً للواقع الديموغرافي لكل مدينة او بلدة او قرية، باستثناء ما قرره الرئيس سعد الحريري من مناصفة في عدد أعضاء المجلس البلدي لمدينة بيروت في هذه الدورة الانتخابية، إذ ربما تكون هذه المناصفة مفيدة للبلاد، ولبيروت العاصمة لِما ترمز إليه على المستوى الوطني.

أمّا ورشة إقرار قانون الانتخاب الجديد التي انطلقت في اللجان النيابية المشتركة، فمن شأنها هي الأخرى أن تساهم في إمرار فترة الوقت الضائع السائدة، ولكن طريق الوصول إلى قانون الانتخاب العتيد، ليس مفروشاً بالورود كما يتراءى للبعض، إذ انّ على اللجان أن «تجوجل» 17 مشروع قانون واقتراح قانون انتخابي لتستخلص منها مشروع قانون واحد يلقى تأييد الجميع وتقرّه الهيئة العامة لمجلس النواب، وليست هناك أوهام لدى أحد في انّ هذا المشروع سيتبلور قريباً، خصوصاً خلال الشهر الجاري الذي بنهايته يختتم العقد التشريعي العادي الأول لمجلس النواب والذي لم تعقد خلاله بعد أيّ جلسة تشريعية.

ولذلك، يقول بعض السياسيين إنّ الانتخابات البلدية اذا كانت ستغطي شهراً من فترة الوقت الضائع كونها ستنجز خلال بعض أيام الآحاد من ايار الجاري، فإنّ جلسات اللجان النيابية في شأن قانون الانتخاب العتيد قد تغطي الصيف كله لتصِل الى اول ثلثاء بعد 15 تشرين الاول المقبل حيث يبدأ العقد التشريعي العادي الثاني لمجلس النواب، أللهم الّا حصلت تطورات دراماتيكية خلال الصيف وعجّلت في إنجاز الاستحقاق الرئاسي.