IMLebanon

رئيس «حزب الريّاس»: المرّ لا يزال رقماً صعباً

لا يفوّت النائب ميشال المر مناسبة إلا يُثبت للأحزاب المنافسة أنه بمفرده، ومن دون وزارة تسنده، أقوى وأكثر عطاءً من أي نائب حزبي في قمة تألقه. رئيس «حزب رؤساء البلديات» لا يزال رقماً صعباً في المتن الشمالي

الصورة التي نشرتها رئيسة اتحاد بلديات المتن الشمالي، ميرنا المر، على صفحتها على «فيسبوك» تبدو عادية: الابنة والعائلة وبعض الأصدقاء يحتفلون بعيد ميلاد النائب ميشال المر. لكن قوالب الحلوى الثلاثة توحي وكأن المناسبة مهرجان انتخابي، لا عيد مولد، إذ إنها حفلت بشعارات من نوع «رجل دولة»، «دولة في رجل»، «تاريخ ومدرسة»، «أوفى الرجال»… للوهلة الأولى، يبدو وكأن الصورة تعود إلى ما قبل عام 2005، عندما كان «أبو الياس» يحشد عشرات رؤساء البلديات في صالة صغيرة.

لكن التمعّن في وجوه المحيطين بصاحب العيد يُظهر أنها التقطت الأسبوع الماضي أثناء إطفاء الرجل شمعته الثالثة والثمانين، وفي المكان نفسه الذي شهد أمجاد حقبة يبدو أنها لم تنته: عمارة شلهوب.

منذ عشرة أعوام، لم يعد المر «ديك المتن الشمالي»، بعد تسلل الأحزاب إلى ملعبه وسيطرتها على عدة شغله الرئيسية. كان من الطبيعي أن يتضاءل نفوذه وينحسر ليصبح نائباً عادياً من دون امتيازات تُذكر، شأنه شأن أقرانه من نواب الأحزاب. ولكن، أن يكون «أبو الياس» في لحظة أفوله السياسي، ومن دون وزارة تسنده أو حزب يدعمه، قادراً على اختصار المتن الشمالي في صالة صغيرة، فذلك يستدعي مراجعة هذه الأحزاب لما حققه ممثلوها في الأعوام الماضية.

عجز التيار الوطني الحرعن تحجيم نفوذ المر في البلديات والوزارات والإدارات

إذ يصعب، مثلاً، تجاوز أن التيار الوطني الحرّ الذي يحوز خمسة مقاعد نيابية من أصل سبعة في المتن الشمالي، عاجز عن جمع خمسة رؤساء بلديات على طاولة العشاء السنوي لهيئة التيار. ويصعب أيضاً تجاوز أن الرؤساء الموالين للتيار لا يتعدى عددهم الخمسة، ويشغلون بلديات ثانوية. هنا يتبدّى السبب الأول لبقاء المر على «قيد الحياة» السياسية: فشل التيار الوطني الحر في التعامل مع البلديات، أقله الأساسية منها واستقطابها إلى جانبه.

«أوفياء لدولة الرئيس»

يقول رئيس بلدية الدكوانة أنطوان شختورة، إن علاقته بالمر بدأت مع ترؤس والده بلدية الدكوانة. أعمدة هذه الصلة تدعّمت خلال الانتخابات النيابية، «إذ تمكنت من الوفاء بوعدي عبر تأمين الأصوات التي حددتها له قبيل المعركة، فزادت ثقته بي وتحولت العلاقة إلى صداقة شخصية». الدكوانة اقترعت عام 2009 بـ1600 صوت لـ«أبو الياس» و1500 صوت لمرشحي لائحته، أي قوى 14 آذار، مقابل 900 صوت لمرشحي التيار الوطني؛ علماً بأن شختورة غير بعيد عن أجواء العونيين ويتشارك وإياهم قاعدة شعبية دفعته إلى التحالف الضمني معهم في الانتخابات البلدية والنيابية. يشدّد «الريّس» على أن المر «لا يترك حلفاءه، ويتعاطى معهم بصدقية، فضلاً عن كونه حليفاً قوياً وخصماً شريفاً». علاقة المر برئيس بلدية الدكوانة الذي أبى إلا أن يقف إشبيناً له في زفافه بداية العام الجاري رغم ظروفه الصحية، تختصر طريقة تعامله مع باقي رؤساء البلديات. وهنا يكمن الفارق بينه وبين خصومه العونيين. إذ يصعب العثور على رئيس بلدية أو مفتاح انتخابي على علاقة جيدة، مثلاً، بالنائب إبراهيم كنعان أو النائب نبيل نقولا، فيما ينسب كل من النواب مشاريع التيار الإنمائية إلى نفسه بمعزل عن زملائه. ولا يحضر التيار سوى عبر لائحة انتخابية كل أربع سنوات. في ما عدا ذلك، لكل نائب حزبه الخاص.

الياس الأشقر، رئيس بلدية بيت شباب منذ نحو 14 عاماً، صديق آخر للمر وأحد الأوفياء له. يقول إنه حاول التعاون مع التيار والكتائب من دون أن يلقى تجاوباً. إذ أراد النواب العونيون تسمية أكثر من 8 أعضاء في مجلس بلديته، «وربما اللائحة بأكملها… وبالمفرق». فييما «حيّد دولة الرئيس نفسه عن هذا التفصيل». في رأيه، «النائب سامي الجميّل يصرف من ميراث جده وما عم يطيلع شي، والتيار طيلع وعم يصرف لي طيلعن». الأشقر، كسائر رؤساء البلديات، يحب المر «لأنه ساعدنا ودعم كل مشاريع الضيعة». وللأشقر تجربة تختصر فشل التيار في استيعاب البلديات: فـ«الريّس» يتفادى دعوة كنعان ونقولا على العشاء معاً، ويضطر إلى إقامة عشاءين في كل مرة!

لا تشبه زعامة المر زعامة قادة الأحزاب السياسية المسيحية من النائب ميشال عون، إلى رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل، إلى رئيس حزب القوات سمير جعجع. خلافاً للثلاثة، أتقن «سيّد العمارة» لعبة المناطق والعائلات وتفرّغ لخدمتها بنفسه حتى بات «حزب رؤساء البلديات» الذي أسسه أقوى من أي حزب عتيق أو تيار سياسي شعبي. لذلك، كان الحلّ الوحيد أمام هؤلاء العمل على استرضاء «أبو الياس» حتى عند لعبه دور الخصم اللدود؛ ولا تخرج مساعي الرابية لاستيعاب المر عن هذا الإطار، كما تودّد النائب سامي الجميّل له. ففي الثالثة والثمانين، يزاحم زعيم بتغرين حزبين رئيسيين في المتن الشمالي، ويفرض نفسه، أو ابنته ميرنا، رقماً صعباً في أي استحقاق مقبل.