IMLebanon

قصّتي مع إسرائيل

 

 

 

إن استقواء اللبنانيين بالخارج على شركاء الداخل ثقافة وطنية عميقة واحدى مكونات المواطنية اللبنانية الفريدة، فليس هناك اسهل من توزيع  انتماءات الافرقاء اللبنانية على الدول الخارجية والسفارات، ولكن الأصعب هو معرفة من الافرقاء اللبنانيين مع لبنان، وهناك من يعتقد في لبنان ان تجديد النزاع مع اسرائيل يمكن ان يعيد اليه الصورة المثالية التي خسرها في النزاع السوري واستخدامه السلاح ضد الاطفال والنساء،كما خسرت منظمة التحرير الفلسطينية صورتها عندما تلوثت أيديها بدماء اللبنانيين الأبرياء، وايضاً ما زال في لبنان من يعتقد بأن إسرائيل سوف تحقق له الغلبة على فريق اخر من اللبنانيين، وهذا يعني اننا امام  حرب اسرائيلية ينتظرها الجميع بأشكال مختلفة إما بالتكتم وإلهاء الناس في معارك جانبية كالفساد وغيره، أو عبر تفسير ما يحمله الموفدون الدوليون من تهديدات وتحذيرات.

يتحدثون عن حرب مع إسرائيل لن تكون كسابقاتها من حيث الهول والتحالفات، وكل فريق يتحضر لها على انها الحرب الاخيرة وسيكون لها ما بعدها على مستوى النفوذ والتوازنات في مرحلة ما بعد النزاع في دول الشرق الاوسط الجديد، او دول اللجنة الاقتصادية الاجتماعية لجنوب غرب آسيا ( الأسكوا )، حيث النفط والغاز في شرق المتوسط والثروة في دول الخليج  والمنظومة  الأمنية الاقتصادية التجارية لدول البحر الأحمر وتواصلها مع اسيا وأفريقيا وأوروبا ، وأن الحرب القادمة ستحدث تغييرا استراتيجيا في تركيا وايران واسرائيل، وهي ثلاث دول غير عربية  مقابل دولتين عربيتين هما مصر والسعودية، وتلك هي الدول الخمس التي يراد منها ان تشكل  الشرق الاوسط القادم بعد تفكيك سوريا والعراق وتوغل تركيا وايران الى عمق المجتمعات العربية وبانتظار إسرائيل.

لا داعي للمزايدات والادعاءات وغوغاء الرهانات على الحرب والسلام مع اسرائيل وضرورة الدولة الفلسطينية والقدس الشريف، ولا بد من الاعتراف ان المصريين والمشرقيين العرب  تحملوا اعباء هذا الصراع الكبير ولا نستطيع تجاهل المآسي والانهيارات التي يعيشها عرب المشرق، ومن سخرية القدر انهم قد اصبحوا عرضة للتجاذبات والاستقطابات التافهة والرخيصة، منذ تفكيك الدولة والمجتمع في العراق وتحويله الى ساحة نزاعات اقليمية ودولية مرورا باغتيالات لبنان الفردية والجماعية وتعميق الانقسامات الطائفية والمذهبية وصولا الى التهافت على تدمير سوريا واقتلاع مواطنيها من عروبتهم وأريافهم ومدنهم وتشريدهم داخل وطنهم وفي دول الجوار والدول الأوروبية لمن استطاع النجاة من الغرق في اعماق البحار.

أعرف خطورة  الكتابة المباشرة عن الحرب المتوقعة او المنتظرة مع إسرائيل التي يتداولها الأذكياء بالهمس والايحاء وقد يعتبر البعض هذا المقال حماقة وغباء، لكنني لا اريد ان اكون مع اسرائيل في اي حال من الأحوال، ولا اريد ان أبرر لإيران استخدام لبنان ساحة نزاعات، لان دمار الحرب سيقع في لبنان والضحايا هم أهلنا في لبنان،  ولا اريد ان أصفق لمن سيتبرع لإعادة البناء،  ولا اريد ان يعود اللبنانيون الى اتهام بعضهم  بالعمالة والارتهان،  واعتبر كل استقواء بالخارج على الداخل جريمة نكراء، لأني شهدت مرات ومرات مقامرة اللبنانيين بالأرض والشعب والكيان من اجل حفنة من الدولارات ولأنّ قصتي مع إسرائيل شديدة المرارة وعميقة الجراح في الوعي والوجدان واعتبرها عدوي مدى الحياة وأحلم ان أنهي حياتي مواطناً نهائياً من لبنان.