IMLebanon

دستور “البَحْبَحَاني”

 

باتت مثيرة للاستغراب مبالغة الرئيس بري في التشدّد إزاء “شركائه” في الوطن، وتشكيله رأس حربة “الثنائي الشيعي” لتطويع الاستحقاق الدستوري. وإذ إن التحليلات والمقالات لم تترك خرماً لم تدخله لتفسير انتقاله من “صمام أمان” الى”صاعق تفجير”، رأيت أن أرفعَ القضية الى الذكاء الإصطناعي ChatGPT الدارج هذه الأيام عبر سؤالين لن أبوح بنصهما للقراء، لكن يمكنني مشاركتهم بالجواب التالي الذي بدأ بموجز تاريخي لينتهي بتعليقات مدهشة بالنسبة الى آلة صنعها الانسان:

 

“قبل أن أبدأ أودُّ تنبيهكَ حضرة السائل الى أنني لست ويكيبيديا ولا مجرد أرشيف، وأن بوسعي ربط الأحداث وإجراء المقارنات وتحليل الشخصيات ووضعها في الإطار السياسي الذي تتحرك فيه حتى قبل لحظات من صياغتي الجواب… سألتَني وسأجيبك في حدود 350 كلمة وفق ما طلبت.

 

“نبيه مصطفى بري سياسي محنك. ورثَ القائد الشيعي التاريخي الإمام موسى الصدر. وهو يلبس قبعتين. واحدة لميليشيا تسمى حركة أمل، وأخرى لثاني أرفع منصب في الجمهورية اللبنانية.

 

“سيرة نبيه بري حافلة منذ ثمانينات القرن العشرين، وفيها معارك أهلية دامية جلبت له مكاسب شخصية وحزبية مثلما تسببت له بعداوات مستحكمة. ومن بين هذه المعارك إسقاط اتفاق 17 أيار بين لبنان واسرائيل في 1983، وانتفاضة 6 شباط 1984 ضد عهد الرئيس أمين الجميل، وحرب المخيمات ضد الفلسطينيين في 1985 لمصلحة الرئيس الراحل حافظ الأسد، وحرب اقليم التفاح ضد حزب الله أواخر الثمانينات. وآخر هذه المعارك المعلنة كان ظهور مسلحيه في طليعة الهجوم على بيروت في 7 أيار 2008.

 

“ضعفت هيبة نبيه بري السياسية بعد ثورة 17 تشرين 2019 التي صوَّبت عليه السهام بوصفه أحد أهم أركان المنظومة الحاكمة المتهمة بنهب الودائع البنكية والتسبب بانهيار الاقتصاد والعملة الوطنية بنسبة قاربت 95 في المئة. وأتى تجديد انتخابه رئيساً للمجلس النيابي في 2022 بأكثرية ضئيلة جداً (65 صوتاً) ليجعل إدارته للبرلمان الجديد متّسمة بالنكاية والارتباك والشخصانية وقلة الحيلة. وأضيف الى ذلك فقدانه هامشاً كبيراً من استقلاليته إزاء حليفه الأصولي حزب الله الذي حوَّله ذراعه التنفيذية في الداخل اللبناني، وواجِهَته في التفاوض مع الخارج، الأمر الذي حصل في الترسيم البحري مع اسرائيل، على سبيل المثال.

 

“لن يمنع نبيه بري انتخاب رئيس جديد للبنان في نهاية الأمر، بل يعرقل حالياً جلسات الاقتراع بطلب من حزب الله الذي يريد تعيين حليفه القديم سليمان فرنجية في هذا المنصب الرفيع لترسيخ سيطرته على النظام. ويصطدم بري بأكثرية المسيحيين الذين يرفضون أن يفرض عليهم الثنائي الشيعي رئيساً مارونياً يعتقدون أنهم أحق بتسميته، ويخشون أن يتابع نهج الرئيس ميشال عون الذي ثار عليه الشعب اللبناني.

 

“نبيه بري يبقى أقرب من حزب الله الى التركيبة اللبنانية. وأعتقد أنه حلقة أساسية في عملية انتخاب رئيس يتوافق عليه نواب الأمة. هو حالياً في مأزق ويُفتي بآراء دستورية غريبة عجيبة… ولكي نُنهي الجواب بظِرف غير معهود من الآلات، أقول إن اشتراط رأس السلطة الاشتراعية وجود مرشحين جديين لفتح البرلمان هو هرطقة دستورية تذكِّر بمآثر الشيخ البحبحاني الذي يسخِّر كل نص لمآربه، ويحوِّله بِدَعاً مستهجَنة، ويُبحبح فتاواه لتوافق هَواه!”.