لا يمر شهر،لا يطل استحقاق، لا تلوح تشكيلة حكومية بعد أزمة، إلّا ويخرج “الإستيذ” الساحر واحداً من أرانبه مثل أرنب “الميثاقية” الذي فلّته رئيس مجلس النواب في ملعب الدكتور مصطفى أديب”الجديد” على عالم “أكَلة” الجبنة والمناصب باسم الزهد والتعفف. فتوقيع وزير المال الشيعي على المراسيم إلى جانب تواقيع رئيسي الجمهورية والحكومة والوزير المختص ضرورة ميثاقية قصوى، والتسليم بهذه البدعة يعني حكماً أن كل المراسيم التي وقع عليها وزراء المال السنّة: محمد الصفدي، وريّا الحسن، ومحمد شطح، والأشهر من بنجامين فرانكلين على ورقة المائة دولار، فؤاد السنيورة باطلة كما تلك التي تحمي توقيعي المارونيين جهاد أزعور ودميانوس قطار، وقبلهما الدكتور الياس سابا الأرثوذكسي.
ما يعنيه الرئيس نبيه بري حقيقةً، هو أن التوقيع الشيعي(الرابع)، ضرورة لثبيت المثالثة وحكم الرؤوس الثلاثة، أي الترويكا، والمكرّسة عملياً بتخصيص الرئاسة الثانية، ولا علاقة للتوقيع بالميثاقية وجوهرها المناصفة الإسلامية ـ المسيحية. والأرنب نفسه، أو جد جده، أخرجه “الثنائي الشيعي” يوم استقال وزراؤه من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في نوفمبر 2006، ومعهم يعقوب الصرّاف لـ “تطبيش” الميزان، بهدف نزع الميثاقية عنها واسقاطها متذرّعين بالفقرة “ب” من مقدمة الدستور التي تنص على “أن لا شرعية لأي سلطة تناقض العيش المشترك” وماذا لو تشكلت حكومة من دون الأرمن. أتكون غير شرعية؟ وماذا لو استقال ممثلو الروم الكاثوليك من الحكومة فهل تصبح بتراء؟ طرحتُ السؤالين على عضو شيعي في كتلة التنمية والتحرير فابتسم ابتسامة أظهرت صف أسنان بيض وسألني: أتمزح؟
والميثاقية نفسها التي يسعى رئيس مجلس النواب لتثبيتها، تحققت على مستوى المؤسسات الأمنية، يوم “انتُزع” منصب المدير العام للأمن العام من الطائفة المارونية وأسند إلى مدير عام شيعي، على عهد الرئيس التاريخي إميل لحود، في المبدأ كانت خطوة مباركة وإن كان “الإستيذ” يفضل أي ضابط شيعي رفيع إلا سيادة اللواء الركن جميل السيد خلفاً لريمون روفايل، من دون أن نتناسى أن استحداث جهاز أمني للكاثوليك بعد الطائف، هو في حد ذاته حجر أساس في مدماك الميثاقية.
وباسم الميثاقية بات لزاماً على الدكتور أديب المؤدب، متى اقترب من تحديد أسماء وزرائه، أن يسأل “الإستيذ” على سبيل استمزاج رأيه: من تريد لحقيبة المال ولغيرها؟ لكن الرئيس بري، وانسجاماً مع حياديته لن يتدخل، وسيكتفي بإرسال حمامة بيضا مع علي حسن خليل لتغط فوق رأس مصطفى أديب حاملة إليه من أبي مصطفى أسماء وزراء الثنائي الشيعي وأطيب التمنيات.