IMLebanon

ميقاتي العائد بالصبر والحنكة والحلم والمناورة

 

كسب رئاسة حكومته الثالثة والأرجح الرابعة والزعامة بعدها إن أراد

 

يقرب الرئيس نجيب ميقاتي، في أسابيع، من تحقيق ما عجز عنه سواه، هكذا جعله تأليف الحكومة، أو يكاد، المنقذ الآتي ممتطياً الحصان الأبيض. وفتح أمامه أبواب العواصم والمؤسسات الدولية. فكانت زيارة باريس، الراعية والمسهّلة والمساعِدة والضاغطة، أولى إطلالاته الخارجية. بالتأكيد لن تكون الزيارة الفرنسية كافية لوحدها، لكنها مؤشر الى المسار الذي يخطّه ميقاتي لنفسه في رئاسة حكومة ما قبل الإنتخابات، والأرجح تلك التي بعدها. هو نافذ وقادر ومراوغ ومتمكن في تدوير الزوايا وخطف الانتصارات السريعة. أوليس التأليف انتصارا سريعا بإرادة القادر والمتمكن والمناور؟ بالطبع هو كذلك. في لحظة الحسم رمى كل الأثقال وفك كل القيود، وصار نادي رؤساء الحكومة السابقين أثرا بعد عين، بعدما خُيّل له في لحظة الذروة أنه إستحال مصدر الشرعية والغطاء السياسي والمذهبي لأي طامح لرئاسة الحكومة. وليس تفصيلا أن أي بيان لم يصدر عنه مجتمعا بعد التشكيل، تأييدا أو دعما لميقاتي، الذراع الأخيرة المنضوية تحت لوائه.

 

هواتف باتريك دوريل توثق لبعض من روايات ما قبل التأليف

 

بعد التأليف، أخذ نادي رؤساء الحكومات إجازة:

 

أ-تمام سلام منكفئ حد التعب. وجد نفسه وحيدا بين نظرائه الثلاثة، لكن الذي حصل أن كلاً من الثلاثة الآخرين سعى الى مصلحته، فما بقي له سوى أن يرتضي الراحة والإبتعاد عن الضجيج السياسي.

 

ب-سعد الحريري يبحث عن وضع جديد.يحكى عن أعماله الجديدة في الإمارات العربية المتحدة عبر شركة ناشئة أسسها قبل فترة. صار أشبه بالـ headhunter أو الأصح treasure hunter. يرتّب مشاريع استثمارية، لكنه قطعا بعيد كل البعد عن تجربة الأوجيه.

 

ج- فؤاد السنيورة باق متشددا في الرأي والموقف والتصرّف. هو كان الرافعة للنادي والموجّه والمنظّر وكاتب بياناته القاسية. وهو مستمرّ- إن وحيدا- في إعلاء الإعتراض، وحصل ان الرئيس ميقاتي قرّر التخفّف من كل ثقل يوم أصبح التأليف يقينا، ووضعت خلف ظهرها الحمل الخشن والغليظ.

 

د-وحده نجيب ميقاتي خرج مظفّراً. كسب رئاسة الحكومة الثالثة، والأرجح الرابعة والزعامة بعدها إن أراد، وكسب معها عقل ايمانويل ماكرون ودعم الإدارة الأميركية. وحدها الأناة أوصلته الى اليوم المظفّر. لم يستعجل المُلك ولم يطلبه. ترك إيناعَ الثمرة الحكومية للظرف وللإليزيه، وهو الميقاتيّ، الخبير في تأقيتِ العمل والظرف.

 

صبر يوم زكّى الفرنسيون مدير مكتبه السابق السفير مصطفى أديب، وترك للفيتو الشيعي ولغضب الحريري نتيجة استبعاده، أن يتكفّلا بأن يختم أديب طموحه الحكومي في ظرف 3 أسابيع.

 

لا بل ملّ الصبر منه يوم أعلن الحريري ترشيحه الذاتي لرئاسة الحكومة في 8 تشرين الأول 2020.

 

شارك في كل اجتماعات النادي التي دعمت الحريري ووقع كل البيانات الداعمة له والتي حمّلت مسؤولية التعثر الحكومي الى رئيس الجمهورية. هو نفسه صرّح مرارا أنه من الإجرام بمكان أن يعتذر الحريري وأن المجهول واقع لا محالة في حال وقع الإعتذار، فيما كان مع شقيقه وحلقته الضيقة يتواصل مع الفرنسيين ويفاوضهم لترتيب عودته الى رئاسة الحكومة.

 

تستحقّ أن توثّق رواية تكليف ميقاتي وخباياه الكثيرة المحلية والفرنسية والأميركية. تماما كما تستحق التوثيق حكايا ما قبل التأليف، وخصوصا الأيام الثلاثة الأخيرة التي سبقت الولادة، وهواتف باتريك دوريل التي لا تملّ.

 

الرواية، ببساطة، هي إنعكاس للمنتصر على قصر النظر وقلة الحيلة والباع. المنتصر، ذاك الذي يملك المال والصبر والجلد والحلم والحنكة والمراوغة.