IMLebanon

نصر الله والفاخوري: “تشريع” المعابر غير الشرعية

 

يبذل الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله تضحيات كبيرة من أجل الحفاظ على أولوية تحالفه مع “التيار الوطني الحر” قياساً إلى تحالفاته الأخرى، على رغم الإحراجات الكبيرة التي يسببها له جموح قيادة “التيار” وتحديداً رئيسه جبران باسيل للاستئثار وشبق التحكم بالسلطة ومواصلة السياسات التي قادت البلد إلى الهاوية. ولهذا السبب يُتهم الحزب بأنه يتحمل قسطاً كبيراً من مسؤولية انزلاق لبنان نحو الحفرة الاقتصادية المالية، مع أن خصومه أقلعوا عن انتقاد انحيازه إلى المحور الإيراني. فالحزب هو الذي يلزم نفسه بالحسابات الإقليمية، لا خصومه، في تبرير خيار التغطية على السياسات المدمرة لحليفه الملتزم انحيازه.

 

في كل المطالعة التي أدلى بها نصرالله الجمعة الماضي بدا منطقياً في الرد على “حلفاء” و”أصدقاء” ساءه أن يذهبوا بعيداً في انتقاد ما اعتبروه غض نظر من الحزب على تهريب الأميركيين لعامر الفاخوري من لبنان. كانت حججه واقعية حيال “أفكار لا تقدم ولا تؤخر.. ولا مصلحة وطنية فيها” كمطالبة البعض الحزب بتظاهرة تقتحم السفارة في زمن الكورونا، وبالتصدي للأميركيين أثناء إخلائهم العميل الإسرائيلي الأميركي الجنسية، إذا قورنت هذه الحجج مع تصدره الدعوة إلى “القصاص العادل” لإدارة دونالد ترامب بإعادة جنودها بالتوابيت، انتقاماً لاغتيال اللواء قاسم سليماني. ولعل ملاقاة مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر لنصرالله في نفي حصول صفقة حول الفاخوري ما يضفي المزيد من الصدقية على حججه.

 

المفارقة تكمن في أنه زجر الأصدقاء والحلفاء إلى حد “الطلاق” معهم، لأنهم “يريدون أن نتقاتل مع كل حلفائنا”، ولم يأت على ذكر الجهة التي عقدت صفقة الفاخوري مع الجانب الأميركي، والتي تقول كل المعطيات ممن عرفوا تفاصيل تحضيراتها، إن فريق الرئاسة و”التيار الحر” انغمس فيها.

 

إذا كان هذا نموذجاً عن الثمن الذي يدفعه الحزب لوقوف فريق محلي إلى جانب خياراته الخارجية، فإن جمهوره و”أصدقاءه وحلفاءه” ليسوا الوحيدين الذين يتبرّمون منذ 3 سنوات، إزاء اضطراره إلى دفع الأثمان والسكوت عن اللغة الطائفية وسلوكيات التفرد والنفعية للحليف الاضطراري، مثلما تبرّم جمهور زعامات أخرى من خياراتها، كجمهور زعيم تيار “المستقبل” سعد الحريري لمسايرته “التيار الحر” بفعل تحالفه معه. وهذا أحد أسباب انضمام بعض جمهور الحزب إلى انتفاضة 17 تشرين الأول.

 

قد لا تمر قضية الفاخوري من دون مقابل للحزب لأن تلبية قيادة “التيار الحر” طلب الأميركيين تجنباً لعقوباتهم، ستدفعها إلى الارتماء في أحضان الحزب أكثر، تعويضاً عما اقترفته.

 

وإزاء تمكن الجانب الأميركي من تجاوز نفوذ الحزب على الساحة اللبنانية التي أقر بأن لواشنطن نفوذاً فيها، اغتنم نصرالله الفرصة لتشريع إمساكه بالمعابر غير الشرعية بقوله: “‏أصدقاء أميركا الذين سكتوا عن المعبر غير الشرعي الذي تم ‏تهريب الفاخوري عبره (نقله بمروحية عسكرية أميركية من السفارة إلى قبرص بدل مطار بيروت) لا يجوز لهم بعد الآن لا كبيرهم ولا ‏صغيرهم أن يتحدث عن المعابر غير الشرعية”. فالحزب يتجنب الحديث عن خسائر الخزينة اللبنانية من المعابر التي يسيطر عليها حين يعدد عوامل الهدر والفساد، للحفاظ على منافذه من وإلى سوريا، وعلى بعض مداخيله المالية أيضاً.