IMLebanon

نصر الله يُطمئن اللبنانيين لا الإسرائيليين… ويضع قواعد جديدة

 

تميّز خطاب الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله بالدقة في صياغة المفردات وانتقائها، وبراعة في بعث الرسائل. كلامه يحتمل التفسير ولا يحتمل التأويل لجهة ترابط الجبهات في الحرب الدائرة. أتقن فن مخاطبة المجتمع الاسرائيلي بإطلاق نعوت الاستخفاف بالقيادتين السياسية والعسكرية. وما أراد الناس معرفته قاله بغموض بنّاء وبصراحة تظهر أنّ جبهة الشمال قد تشتعل إذا حصل تطور ما في المعركة البرية الحاصلة في غزة، وغير ذلك تبقى الأمور تحت السيطرة أو على قاعدة «مدني مقابل مدني»، مع احتمال فتح الجبهات كلها لتصبح مع الأميركي مباشرة. أظهر الخطاب النية بالتهدئة، ولكن بحزم شديد، وأن لا نية لحرب شاملة إلا اذا تدحرجت الأمور بدليل وصفه نزوح الجنوبيين عن قراهم بأنّه «هجرة موقتة»، ويبدو أنّ الجميع لا يريدون ذلك.

 

وسط حضور «مهيب»، افتتح السيد نصر الله خطابه بتجديد «البيعة» للشهداء الذين سقطوا في جبهة الجنوب «على طريق القدس»، شاملاً بتحيته كل حركات المقاومة في دلالة متعمدة لذلك، ومنها التحية الى الشعب الفلسطيني «الأسطوري» على صموده، وإلى كل من «ساند ودعم على مستوى العالم». لم يستفز الشارع السني فلعب على وتر القيم الانسانية، وعكس في خطابه وضعية أهل غزة المظلومين فتجنب لغة التخوين بما يؤشر الى سعيه لكسب مزيد من التعاطف العربي مع قضية غزة .

 

دخل في تفاصيل العملية منذ يومها الأول ليجزم بعد الحديث عن أسبابها ودوافعها المرتبطة أن لا علاقة لـ»حزب الله» بالعملية، مشدداً على أنّها «فلسطينية بالكامل»، ومنفصلة عن أي ملف دولي، وأنّ أصحاب القرار فيها هم قيادة المقاومة، وأنّ ايران لا تمارس وصاية، بل تدعم المقاومين. ووصف حكومة اسرائيل ومسؤوليها بأنهم مجرد أداة للأميركي كما تقصّد عدم التوجه إليهم مباشرة وركّز في تهديداته على الأميركيين فحمّلهم المسؤولية عن الحرب الدائرة.

 

وفي جبهة الجنوب أسهب نصر الله في الحديث عن أهداف المواجهات مع الإسرائيليين في الشق المحتل من الأراضي اللبنانية، والتي كانت عبارة عن حرب إشغال للعدو، واعتبرها «معركة حقيقية يشعر بها الكيان، مختلفة عن كل المعارك»، مؤكداً أنّ «حزب الله» دخل «في صلب المعركة منذ يومها الثاني»، ليصل الى التهديد الواضح بأنّ توسيع المعركة يتوقف على حدود معركة غزة، وأنّ امكانية التدحرج الى حرب واسعة «احتمال واقعي» و»على العدو ان يحسب له ألف حساب»، مهدداً «من يفكر في الاعتداء على لبنان بأنه سيرتكب أكبر حماقة في تاريخك»، وإلى الأميركيين قال إنّ «أساطيلكم في البحر الأبيض المتوسط لم ولن تخيفنا وقد أعددنا لها عدتها».

 

ربط نفسه بالخامئني مرتين، مذكراً بموقفه في حرب تموز، ثم تشديده على أنّ المحور سينتصر. وُصف خطابه بالغموض البناء أي أنّه واضح وغامض في آن، فهو طمأن اللبناني ولم يطمئن الاسرائيلي، ورفع مستوى القلق الأميركي، وأرسى معادلة جديدة: اذا ضربتم سنضرب، والمدني يقابله مدني، وكل الاحتمالات مفتوحة إذا استمرت الحرب على غزة فاتحاً باب التفاوض حول الأسرى.

 

وبمجمل خطابه أظهر أنّ المعركة هي بين المحور وأميركا، وليست فقط بين «حزب الله» والاميركيين، بدليل قوله «يهددوننا بقصف ايران ونحن أعددنا العدة لبوارجهم في البحر»، وربط سير المعارك في غزة على قدر كبير بالأميركيين قائلاً لهم: «إن الحل في يدكم»، لكأنه يمنحهم فرصة لذلك… على أنّ نقطة ارتكازه كانت على صمود غزة والمقاومة التي لا يمكن أن تخرج خاسرة، لأنّ خسارتها ممنوعة في قاموس المحور ككل.