IMLebanon

خطاب نصرالله: مرحلة جديدة داخلياً وإقليمياً

إنتقلت المنطقة ببدء العمليات العسكرية في العراق وسوريا إلى مرحلة جديدة، دقيقة، كان لا بدّ معها من إطلالة للأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله، ليس ليقول كلّ شيء، إنّما ليُؤسِّس في خطابه لكلام كثير يبدو أنّه سيقوله في المرحلة المقبلة.

النقطتان الأساسيتان في الخطاب، كانتا قضية العسكريين المخطوفين والجوّ الملتبس لجهة موقف «حزب الله» من مبدأ التفاوض، وموقفه من «التحالف الدولي لضرب داعش».

طبعاً القضيتان متّصلتان في مكان ما، وجوهر الكلمة التي ألقاها نصرالله جاء ليُحذّر من أمرين أساسيين:

– عدم جعل قضية العسكريين المخطوفين محلّ أزمة بين اللبنانيّين، وبالتالي ونظراً إلى خطورة الملف، التعاطي مع ما سينتج عنه مستقبلاً بمسؤولية كبيرة، لأنّ الحزب يُدرك خطورته ومرامي الخاطفين ومَن خلفهم جرّاء ما يقومون به.

– عدم توريط لبنان في «تحالف» غامض وغير مفهوم الوجهة النهائية، وذلك نظراً إلى واقع لبنان وتركيبته والنتائج السلبية السيئة المترتبة على أيّ «خطوة» ناقصة في هذا المجال.

أوساط مطلعة في قوى «8 آذار»، رأت أنّ كلمة نصرالله وضعَت «البنية التحتية» لمرحلة مقبلة سيكون عنوانها محلياً قضية العسكريين، ودوليّاً التحالف ضد «داعش» وتداعيات القصف الأميركي على العراق وسوريا.

وقالت هذه الأوساط إنّ نبرة نصرالله الهادئة، لم تُخفِ خطورة المرحلة ودقّةََ الكلام الذي أدلى به داخلياً وخارجياً. فالرجل ألمَحَ في أكثر من مكان إلى «مخاطر» جدّية تواجه لبنان، ودعا إلى التعامل معها بعيداً عن المزايدات المحلية والتحريض والكيد و»التوحّش»، لأنّ كلّ ذلك سيرتدّ سلباً على لبنان.

ولم يكن الموقف من احتمال وصول «داعش» إلى بيروت غائباً، فقد أعلنَ نصرالله أنّ لبنان قادر على التصدّي، وأنّ الجيش والقوى السياسية قادرة على المواجهة، وفي هذا تصريح مضمَر عن موقف «حزب الله» الجدّي بمواجهة أيّ تهديد للجيش والمؤسسة العسكرية بكلّ السُبل المتاحة، وفي كلّ المناطق أيضاً.

وفي شأن التحالف الدولي، فقد أعطى نصرالله الموقف المبدئي منه، على قاعدة أصلية عند المقاومة، مبنية على تجربة ومتابعة، وترجمتُها أنّ الولايات المتحدة كلّما دخلت بلداً، حوّلته ركاماً، والأمثلة كثيرة في هذا الشأن، من الصومال الى افغانستان الى العراق.

لقد أكّد نصرالله أنّ «حزب الله» يقاتل الإرهاب من زاوية مختلفة عن الزاوية الأميركية، وأنّ التقاطع هنا ليس مصلحياً بمقدار ما هو ظرفيّ، وعليه لا يمكن ترتيب نتائج سياسية على هذا التقاطع، حتى لو كان العدوّ واحداً.

المقاومة تحارب الإرهاب دفاعاً عن المقاومة وتركيبة المنطقة، وواشنطن تحارب الإرهاب الذي صنَعته لإعادة رسم خريطة مصالحها في المنطقة وحماية حلفائها. وفي مكان ما ثمّة توجُّس لدى محور المقاومة من إمكان استغلال القرار الدولي لضرب الإرهاب، وتوسيعه ليشمل الدولة السورية، على غرار ما حصل في ليبيا.

المهم في لبنان، ألّا يراهن فريق «14 آذار» على «التحالف الدولي» لتغيير معادلات داخلية. هناك مَن راهنَ في السابق على القرار 1559، وغيره، وأدخل البلد في أزمات متلاحقة لم تنتهِ بعد.

وتشير الأوساط عينها إلى تناقض واضح لدى هذا الفريق في خطابه حيالَ مواجهة الإرهاب. فهو يُهلّل للتحالف الدولي لضرب «داعش»، في حين يرفض معركة المقاومة مع الإرهابيّين، ويضغط على الجيش اللبناني ويضع العقبات أمامه لمنعِه من القيام بدوره ضدّ خطر الإرهاب من عرسال إلى طرابلس وعكّار.

ثمّة كلام لم يقُله نصرالله أمس، لا بدّ أنّه سيقوله لاحقاً إذا بقيَ هذا الأداء السياسي قائماً، وبقيَ الضغط على البلاد يرزح فوق صدر الجمهورية.