IMLebanon

طاولة حوار وطني للعودة لإتفاقية الهدنة

 

 

صرح رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط في 7 نيسان الماضي بعد زيارته لرئيس مجلس النواب نبيه بري «جئت لتقديم واجب العزاء بشهداء حركة «امل»، متمنياً «الوصول إلى تسوية مقبولة لتنفيذ القرار 1701» وأضاف جنبلاط نأمل العودة إلى اتفاق الهدنة لعام 1949، الذي يُملي على الفريقين اللبناني والاسرائيلي منطقة معينة من الحدود فيها حدّ من التسلح»، أراد جنبلاط من خلال هذا التصريح توجيه رسالة صريحة وواضحة باتجاه الداخل اللبناني وتحديداً إلى حزب الله وحركة أمل، وباتجاه اسرائيل والامم المتحدة ضرورة العودة إلى اتفاقية الهدنة، المقررة تحت الفصل السابع للميثاق الدولي، والتي نجحت في تحقيق الامن والاستقرار على الحدود الجنوبية ما بين عامي 1949 و 1967.

يلتقي وليد جنبلاط خلال هذا الظرف الدقيق والخطير من المواجهة العسكرية على طول الحدود، وبعد توسعها وبلوغها مناطق سهل البقاع الشمالي، في رؤيته لأهمية العودة إلى الهدنة مع ما عبّر عنه المغفور له غسان التويني حول أهمية تمسّك لبنان باتفاقية الهدنة بقوله «يطيب لي – أنا بالذات – أن أؤكد من زاوية مشاركين في مداولات مجلس الامن وجلساته التي تناولت الاجتياح الاسرائيلي في العام 1978 ثم العام 1982، ان القرارات التي الزمت اسرائيل والدول العربية عقد اتفاقات الهدنة العربية – الاسرائيلية في العام 1948، ثم كرّستها في عام 1949، هي اليوم بالنسبة إلى لبنان أهم وأفضل من القرارات 425، 426، 508، 509، إلى آخر السلسلة»، وهي في رأينا ورأي وليد جنبلاط أهم من القرار الدولي 1701 في تحقيق مصلحة لبنان وسيادته على أرضه، وهي تشكل ركيزة  للحفاظ على المواثيق الدولية وتحقيق الامن والاستقرار للموقِّعين عليها، وتأتي أهمية العودة إلى اتفاقية الهدنة، بأنها ستحل كل المشاكل والصعوبات التي واجهها تثبيت «الخط الازرق» الذي اعتمد في القرار 1701، حيث تشير المادة الخامسة إلى أن خط الهدنة «يتبع الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين» ، وهذه الحدود هي واضحة ومرسّمة وفق النقاط التي وضعها اتفاق «بوليه ونيوكومب» أثناء فترة الانتداب الفرنسي لكل من لبنان وفلسطين.

شكلت اتفاقية الهدنة ولعقود نظاماً فعالاً لمراقبة الامن والاستقرار في منطقة الحدود بين لبنان واسرائيل، كما شكلت اطاراً قانونياً لضبط النزاع بينهما، كما أنها تشكل للامم المتحدة ولمجلس الامن أداة فعّالة للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.

تعتبر اتفاقية الهدنة اللبنانية – الاسرائيلية معاهدة دولية وتتمتع بكل الصفات والمزايا التي حددها القانون الدولي، وهي ملزمة لاسرائيل لاحترام حدود لبنان المعترف بها دولياً، أي خط الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين، لا بدّ من الاعتراف بمدى أهمية اتفاقية الهدنة بالنسبة للبنان، لجهة كونها قد أفشلت المحاولات الاسرائيلية المتكررة لإرغام لبنان على توقيع اتفاقية سلام معها، قبل تحقيق الحل العادل والشامل لأزمة المنطقة، وبعد نيل الشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولته المستقلة.

تعتبر الدعوة  التي صدرت عن وليد جنبلاط حول ضرورة المطالبة بالعودة إلى اتفاقية الهدنة لعام 1949، في محلها وزمانها الصحيحين، حيث أنها تشكل حاجة ماسّة لوقف الدفع باتجاه حرب واسعة، تدمّر لبنان، على غرار ما حدث في غزة.

لا تأتي هواجس الانزلاق إلى حرب مدمّرة من باب التهويل على حزب الله أو اللبنانيين، بل تأتي كنتيجة لمتابعتنا وتقييمنا للتهديدات الاسرائيلية، ولقرار حزب الله بالاستمرار في ربط جبهة الجنوب بتطورات الحرب الاسرائيلية على غزة، وباتت المخاطر التي يواجهها لبنان واضحة في ظل أجواء التصعيد العسكري، وفي ظل تعطيل مهمات قوات «يونيفيل» والجيش اللبناني من القيام بمهامه على طول خط الحدود، تنفيذاً لمندرجات القرار الدولي 1701، وان الامل ضئيل جداً في إمكانية تجاوب حزب الله مع المساعي الفرنسية وبالتنسيق مع الاميركيين والتي بلورتها زيارة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش جوزاف عون إلى الاليزيه بدعوة من الرئيس ماكرون، يبدو بأن مساعي رئيس الحكومة وقائد الجيش بعد اجتماعه مع نظيريه الايطالي والفرنسي لن تحقق العودة إلى تنفيذ القرار 1701، بعدما تبيّن بأن قيادات حزب الله، ستواجه هذه المساعي بالرفض المطلق، والمترافق مع تصعيد العمليات العسكرية،.

ترافقت أجواء التصعيد الميداني مع ظهور ميداني لحركة «حماس» حيث أعلنت في بيان عن قصفها من جنوب لبنان ثكنة عسكرية اسرائيلية في الجزء الغربي من الجليل الاعلى بـ 20 صاروخ «غراد».

وذهبت القيادات الاسرائيلية في نفس الوقت على لسان الوزير في حكومة الحرب الاسرائيلية بيني غانتس ووزير الدفاع يوآف غالانت بتهديد لبنان، من خلال القول بأن اسرائيل باتت تقترب من الحسم على الجبهة الشمالية مع لبنان والتي يمكن اعتبارها بمثابة التحدي الاكبر والاكثر الحاحاً من الجبهات الاخرى، وأضاف غالانت: «نحن نمنع قيام قوات حزب الله والقوات الايرانية من التمركز على حدودنا الشمالية في لبنان أو الجولان».

في مقابل التصعيد الاسرائيلي هناك تصعيد ميداني واعلامي من قبل حزب الله حيث أعلن رئيس المجلس التنفيذي في الحزب هاشم صفي الدين «نحن لم نستخدم كل أسلحتنا ونحن جاهزون لصد أي عدوان، وذهب نائب الامين العام لحزب الله في مقابلة مع قناة أميركية إلى التأكيد على ربط المواجهات بالحرب على غزة «ليس لدينا نقاش في أي حل، يوقف المواجهة في الجنوب، فيما هي مستمرة في غزة».

تؤكد مواقف حزب الله بأن الحزب يصرّ على عملياته العسكرية في الجنوب انطلاقاً من إيمانه بوحدة الساحات وانطلاقاً من أجندته الاقليمية، والتي تخدم المصالح الايرانية، وهو بذلك يقع داخل دائرة النفوذ الايراني، وبأنه بات يقود كل قوى «الممانعة» على المستوى الاقليمي، وبالتالي فإنه يخضع ايديولودياً لولاية الفقيه، حتى ولو كان الموقف السياسي والقرار العسكري لا يصبّان في خدمة المصلحة اللبنانية العليا، أو في مصلحة وسلامة بيئته الشيعية في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية.

تتطلب المخاطر التي يواجهها لبنان في هذه المرحلة الخطيرة، ان تبادر الاكثرية النيابية بعقد جلسة وإجراء عمليات تصويت متتاليين لانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة مع التوصية باختيار وليد جنبلاط كوزير للخارجية، وأن يدعو الرئيس المنتخب لمؤتمر للحوار الوطني حول قضية سيادة لبنان وحل معضلة سلاح حزب الله وتكليف جنبلط كوزير للخارجية لحمل قضية لبنان إلى الامم المتحدة، وللعودة لاتفاقية الهدنة.