IMLebanon

مولوي يوقف الإستثمار بـ”الأمن” ويرفض “الشغور البلديّ”

 

 

طفا على سطح الأحداث ملفّان استدعيا تدخّل وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال القاضي بسام مولوي. الأوّل يتعلّق بموجة ترويج لعودة تنظيم «داعش» وتهديده الأمن الوطني من خلال البيئة السنيّة، والثاني يتصل بإجراء الانتخابات البلدية باعتبارها محطة لتجديد الشرعية بمؤسسات الدولة مع تأكيده أنّها غير قابلة لمبدأ تصريف الأعمال، ولهذا أطلق مولوي موقفين متكاملَين يصبّان في اتجاه تعزيز الاستقرار وتأمين الاستمرار للمرفق العام.

 

حسم الوزير مولوي الجدل والمخاوف حول عودة خلايا تنظيم «داعش» الإرهابي للتحرّك في لبنان مؤكداً بوضوح أنّ «التقارير الأمنية التي تصلنا إيجابية ولا تخوّف من تحرّك خلايا إرهابية»، وهذا لا يعني انكفاء الأجهزة الأمنية عن القيام بالتصدي الاستباقي للعناصر المشبوهة، لكنّه يعني وقف الاستغلال السيّئ لمثل هذا الترويج المُرفق تلقائياً بربط استحضار تنظيم «داعش» بالطرح المُمِل القائل إنّ مناطق أهل السنّة هي بيئة حاضنة للإرهاب.

 

هذا الاعتداء المعنوي والسياسي كان كفيلاً بإثارة القلق لدى المرجعيات المسيحية والعلوية في طرابلس، وقد لجأت إلى قيادة الجيش في الشمال للاستفسار والاطمئنان، ووصلت هذه الهواجس إلى الوزير مولوي وهذا ما دفعه للإعلان عن موقفه لوضع حدٍّ لهذا الاستغلال السيئ للملفات الأمنية، من دون الدخول في سجال مع أحد.

 

مرجع أمنيّ رفيع حذّر من هذا المسار في الإثارة السلبية ومن نشر الروايات المختلقة والمبالغات السوداء المبنية على رغبات البعض في السياسة، معتبراً أنّ وراءها غايات سياسية لا علاقة لها بالأمن ولا بأولويات المواطنين. يمكن تلخيص نتائج التسريبات على النحو الآتي: خرق سرية التحقيق مع «خلية طرابلس» وتسريبه كاملاً قبل ختامه، بهدف التأثير على القضاء والتشهير الشخصي والمناطقي والمذهبي، وإثارة الهلع بين المواطنين لأنّ تسمية المكوِّن المسيحي والعلوي والشيعي كشرائح ومناطق مستهدفة تعيد تظهير أنّ السنّة هم مصدر التطرّف والإرهاب، بينما الهدف من إعلان الإنجازات الأمنية هو طمأنة المواطنين وردع مخالفي القانون. وقد جاء موقف الوزير مولوي ليغلق هذا التشهير المُكلِف أمنياً ومعنوياً وسياسياً عندما أكّد أن «التقارير الأمنية التي تصلنا إيجابية ولا تخوّف من تحرّك خلايا إرهابية». على جبهة الشأن البلدي شدّد مولوي على أنّ «الانتخابات البلدية والاختيارية ستحصل في وقتها»، لافتاً إلى أنّه «لا يمكن التمديد للمجالس البلدية والاختيارية من دون قانون كما أنّ فتح الاعتمادات بحاجة إلى جلسة تشريعية».

 

لعلّ النقطة الأهمّ في هذا السياق هي أنّ مولوي يرفض الاستسلام لوصول الفراغ إلى القاعدة الأكثر التصاقاً بالناس وبحاجاتهم وبإدارة شؤونهم المحلية، كما أنّ الانتخابات البلدية هي مسارٌ ضروريّ لتثبيت شرعية الدولة أو ما تبقّى منها، فإذا لم تحصل في وقتها، لن تتمكن المجالس القائمة من الاستمرار، فلا إمكانية لتصريف الأعمال في هذا المجال، والفشل في إجراء هذا الاستحقاق يعني ببساطة انهيار آخر قلاع المؤسسات في الدولة.

 

في ظلّ تفسّخ الدولة وعجز المكوِّنات الحاكمة عن اتخاذ الخطوات الضرورية للإصلاح والوصول إلى انتخاب رئيس جمهورية في وقت قريب، يصبح الأمن النظيف من التوظيف السياسي وإنجاز استحقاق تجديد المجالس البلدية هدفين أساسيين للإبقاء على صوت الدولة وحضورها ومنع سقوطها بالكامل.