IMLebanon

لبنان المستوحد في بحر الغاز والنفط!

 

 

حصل ذلك في شباط الماضي بعد أيام قليلة من الزيارة الأخيرة لآموس هوكشتاين الى بيروت. خرجت حينها صحيفة «هاآرتس» الاسرائيلية في رواية مفادها أن المبعوث الأميركي للمفاوضات البحرية بين لبنان وإسرائيل أبلغ الجانب الإسرائيلي بعد مباحثاته الأخيرة في لبنان أن حسن نصرالله الأمين العام لـ»حزب الله» وافق على السير في المفاوضات حتى الوصول الى اتفاق ينهي الجدل بشأن الترسيم البحري ويتيح للبنان البدء بالتنقيب والتخصيب النفطي والغازي…كان اللافت في خبر الصحيفة المطلعة توقيته، فهي نشرته مع انتشار أخبار غزيرة عن الإقتراب في ڤيينا من انجاز اتفاق بين إيران والدول الكبرى يضمن العودة الى خطة 2015 المشتركة وربما يتوج بلقاء أميركي- إيراني يعيد الى الذاكرة صور لقاءات توقيع خطة 2015 والإبتسامات الظريفة والعريضة التي سادتها.

 

ترافق ذلك مع تصريح فاجأ الجمهور ووفد التفاوض اللبناني ورئيسه العميد بسام ياسين. التصريح أدلى به رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفيه يضع حداً حاسماً لكل الكلام عن تمسك بالخط البحري 29 ويكتفي بالخط السابق 23 الذي طرح منذ نحو 10 سنوات ودارت حوله نقاشات واجتهادات أقرت بوجوب الانطلاق في المداولات من الخط 29 لتحصيل ما يمكن تحصيله فوق الخط 23…

 

اعترض ياسين وبعض المحللين والخبراء على طروحات عون، ومنهم الدكتور عصام خليفة أحد ابرز المؤرخين الخبراء في تاريخ لبنان وحدوده، لكن شيئاً لم يصدر عن «حزب الله» وأمينه العام، ولا عن الأب المؤسس للإطار التفاوضي الرئيس نبيه بري شريك نصرالله في «الثنائي الوطني». لم يعترض احد منهما على كلام رئيس الجمهورية، وانعكاساته ومفاعيله المترتبة على حقوق لبنان ودولته. ولم يطلب أحد قيام مجلس الوزراء أو مجلس النواب بالإطلاع على سير المفاوضات المائية، ولو من باب الحشرية والرغبة بالمعرفة، فبقي الأمر محصوراً بين التحالف الثنائي في امتداده الثلاثي ما سمح بالاعتقاد أن ما قاله عون يحظي مسبقاً بموافقة نصرالله، وما تلاه من جمود في التفاوض انما يستجيب لرغبة ولاة السلطة التي لا علاقة لها، لا بحسابات الثروة اللبنانية ولا باستكشافها والاستفادة منها، وإنما، ربما بربط مسار لبنان الغازي والنفطي بمسار النزاعات الاقليمية. والنتيجة في اختصار: لا غاز في لبنان ما دام الحصار على ايران قائماً!

 

في شباط الفائت نفسه، حط هوكشتاين في بيروت. هذه المرة لم يكتف بشرح أهمية الوصول الى اتفاق وبدء الاستفادة من الثروات الى المسؤولين، بل خرج الى الإعلام عارضاً مسار المفاوضات المجهول منذ 2010، ليقول انه في التفاوض على أمور من هذا النوع هناك تسويات وحلول وسط ينبغي ويمكن الوصول اليها، وليتحدث الى جمهور اللبنانيين والمعنيين، عشية انفجار الحرب الأوكرانية، عن مدى حاجة اوروبا والعالم الى تنويع مصادر الطاقة، وان لبنان بشكل خاص هو في أمسّ الحاجة الى استغلال ثروته البحرية في مواجهة الانهيار الذي يعيشه… وطلب هوكشتاين اجوبةً مكتوبة لم تصله فذهب ولم يعد!

 

الآن استدعي الوسيط على عجل، بعد مرور 25 سنة على حفر اسرائيل اول بئر في بحر فلسطين وبعد تحول الساحل الشرقي للمتوسط الى حقل غاز من مصر الى قبرص واليونان وتركيا، وبعد نشوء نادي الغاز والنفط الذي يضم فلسطين، وانخراطه الآن في البحث عن تزويد اوروبا بغاز بديل للغاز الروسي!

 

لماذا بقي لبنان طوال هذا الوقت جائعاً وشحاذّاً وممنوعاً من مقاربة ثروته في ارضه؟ سؤالٌ برسم الممسكين بخناقه فليقولوا ما لديهم.