IMLebanon

حوار الضرورة

أعاد التمديد الثاني لمجلس النواب الحياة الى ساحة النجمة التي افتقدتها بشكل ملحوظ قبل أن يمدد النواب لأنفسهم وشهدت اليوم الجلسة المشتركة حضوراً كثيفاً من مختلف الكتل النيابية ما يدل على أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيداً من هذا النشاط لكي يثبت المجلس النيابي مشروعيته وشرعيته من خلال إقراره عدد من التشريعات في مختلف القطاعات مجمّدة في أدراج مكتب الرئاسة الثانية، وثمّة من يأمل في أن تتدحرج كرة الثلج النيابية هذه لتطوي صفحة انتخابات رئاسة الجمهورية العالقة منذ أكثر من ستة أشهر على باب رئيس التيار الوطني الحر النائب ميشال عون وحليفه الثابت حزب الله، بسبب إصراره على أن يكون هو الرئيس المنتظر أو لا يكون هناك رئيس أبداً.

النائب عون الذي ضاقت به السبل وكل الوسائل لإقناع الأكثرية النيابية بأنه الرئيس المناسب لهذه المرحلة استناداً الى حيثيته الشعبية الواسعة وتمثيله النيابي الأوسع كما يدّعي وليس كما هو الواقع الفعلي يذهب بعيداً في تحديه إرادة الأكثرية من خلال طرح نفسه كمنقذ لمسيحيي لبنان الممهمشين سياسياً والمبعدين عن القرار بسبب الغلبة الاسلامية الى حدود تخيير الجميع بين القبول به رئيساً وحيداً أو نسف اتفاق الطائف الذي ناصف بين المسيحيين والمسلمين في مجلس النواب وفي الوظائف القيادية في الإدارات والمؤسسات الرسمية وفتح الباب أمام المجهول على اعتبار أن الانقسام العامودي الحاصل في الساحة الداخلية يجعل من المتعذر وربما من المستحيل الوصول الى صيغة اتفاق جديدة بين الفريقين تحافظ على الصيغة الميثاقية التي بنى عليها اتفاق الطائف حرصاً منه على التعددية من ضمن الوحدة وعلى صيغة العيش المشترك.

غير أن هذا الجو القاتم الذي أشاعه النائب عون بعد البيان الذي صدر أمس الأول عن الاجتماع الاستثنائي الذي عقده تكتله النيابي في الرابية تلوح من ورائه بارقة أمل وذلك بإعادة نفخ الروح في الحياة السياسية وتنشيط الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله اللذين يشكلان فصيلان قويان على الساحة السياسية، ويمكن أي تقارب بينهما أن يدفع بها للخروج من هذا المستنقع وإخراج الحلول للأزمة اللبنانية من الجوارير المقفلة بدءاً من انتخابات رئاسة الجمهورية الى إعادة بث الحياة في كل شرايين الدولة من حكومة ومجلس النواب وقضاء ومؤسسات رسمية، لا سيما وأن الاجواء الدولية والاقليمية باتت مناسبة ومساعدة لإنجاح هذا الحوار في حال اتفقت الإرادات الخيّرة على جدول أعمال هذا الحوار بما ينسجم مع المناخ الإيجابي الذي أظهره حزب الله رداً على مبادرة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري المنطلقة من رحم الضرورة اللبنانية التي لم تعد تحتمل أي انتظار نسبة الى ما يحصل حولها.