IMLebanon

خرقٌ من خارج التقليد

 

 

 

هزّت الانتخابات النيابية الصورة قليلاً. فرسمت لها ألواناً جديدة وفتحت آفاقاً نحو احتمالات حياةٍ سياسية مختلفة.

 

إقتضى التقليد منذ قيام حالتي 8 و14 آذار انقساماً عمودياً بين جمهورين يلتقي قادتهما فينكفئ الشارع ثم يختلفون فيلعلع التوتر.

 

وفرضت حالة 8 آذار منطقها بالقوة في 8 أيار، ومن يومها بدأت قضم الحالة المنافسة. فرطت 14 آذار كتجمع سياسي بقرار من قادتها الرئيسيين، ووضعت 8 آذار، التي صارت في ظروف التحولات الإقليمية جزءاً من «محور المقاومة والممانعة»، خططها لمرحلة طويلة تسيطر خلالها على البلد وتقوده إلى حيث تريد.

 

تمّ ذلك في عدم الالتزام بنتائج انتخابات 2009، ثم بإقالة سعد الحريري، وتحييد وليد جنبلاط في مسلسل ترهيب انتهى إلى الفراغ الجمهوري الذي استحالت تعبئته إلا برجل واحد.

 

إستساغ المحور ملء الفراغات بالأشخاص المناسبين. ولكل فراغ رجله في الرئاسة وفي الحكومة، وأخيراً في مجلس النواب.

 

كان ملحوظاً أن قوى 14 آذار السابقة وفي عز حضورها لم تفكر يوماً بملء فراغ أو إحداثه لدى المحور المناهض لها، وبالعكس دأب ذلك المحور على خلق الصيغ العجيبة من التحالفات لضمان هيمنته على أكثرية نيابية وحكومية. عقد تفاهماً مع «التيار الحر» المسيحي واحتضن شخصيات درزية وفرض في الوسط السني لقاءً تشاورياً يبقى على تشاوره حتى تأتيه الإشارة. وفي الانتخابات الراهنة سلك المسلك نفسه دعماً وتأليفاً للوائح، آملاً أن تأتيه بالحواصل والمقاعد.

 

لم تفعل قوى 14 آذار ولم تجرؤ على القيام بالأمر نفسه في مواجهة خصمها التقليدي، لكن القوى الجديدة التي تمرّست في تجربة انتفاضة تشرين فعلتها وفي كل الاتجاهات وضد الكيانات السابقة في مجملها.

 

رغم الضغوط وضعف الإمكانات حققت هذه القوى الجديدة خرقاً في نظام التقاسم السائد، فيما كانت القوى المتمسكة بسيادة الدولة تحقق انتصاراً كبيراً على منافسيها في نظام يقوده المحور الممانع. ولم يكن الخرق شكلياً ولا بسيطاً بل كبيراً وعميقاً في ما يعنيه. ليس بسيطاً الرقم الذي حققه أبناء تشرين في الشمال، ولا الخرق الذي أسقط المير طلال وحليفه وئام وهاب في الجبل. كما أنه عميق المغزى أن يسقط أسعد حردان النائب المعيّن منذ مطلع التسعينات على لوائح «حزب الله»، إضافة إلى آخرين ستكشفهم النتائج النهائية.

 

هذه المرة لم يخرق فريق تقليدي خصمه التقليدي، تحالفاً أو بلصاً، بل جاءهم طرف ثالث يقول انتهت لعبتكم، أو أن نهايتها حانت.