IMLebanon

الرسالة السعودية الجديدة… هل يتلقفها اللبنانيون؟

 

«لبنان في بيت المملكة»، هو العنوان المعبّر بواقعية وموضوعية، عن نجاح جهود السفير السعودي علي عواض عسيري في جمع كل القيادات السياسية والاقتصادية والحزبية، والمرجعيات الروحية، في منزله مساء يوم الجمعة الماضي.

لم تكن دعوة السفير الناشط للقيادات اللبنانية لتناول العشاء في دار السكن في اليرزة، مجرّد مناسبة اجتماعية عادية، بقدر ما كانت رسالة أخوية قوية من القيادة السعودية إلى الأشقاء اللبنانيين، مفادها باختصار: المملكة لم ولن تترك لبنان، كما يتمنى الخصوم، وهي معكم في تلاقيكم، وفي الحفاظ على التوافق بينكم، للحفاظ على أمن بلدكم واستقراره، والخروج من دوّامة الخلاف والأزمات الراهنة.

ليست مجرّد صدفة دبلوماسية أن تجتمع قيادات لبنانية رئيسية تحت سقف واحد، لتبادل التحيّات والقبلات والأحاديث، وكسر الجليد، وتجاوز القطيعة بين عدد من المرجعيات السياسية البارزة، حيث أبدى الجميع الاستعداد للتجاوب مع الدعوة الشقيقة، في ترطيب الأجواء بينهم، وإفساح المجال لتنشيط قنوات الحوار، تجنباً لانزلاق البلاد إلى مزيد من التأزم والاهتراء.

ويمكن اعتبار الخطاب المدروس، والمُعدّ بعناية، الذي ألقاه السفير عسيري مرحباً بكبار القوم، بمثابة خطوة دعم قوية وأخوية لمساعدة الأفرقاء اللبنانيين على تجاوز خلافاتهم وانقساماتهم، والعودة إلى مبادئ وقواعد الحوار والوفاق، التي أرسى نظمها اتفاق الطائف.

ويمكن اختصار أهم بنود الدعم السعودي الجديد للبنان بأهم النقاط التي وردت في خطاب سفير المملكة على النحو التالي:

1 – المملكة لم ولن تترك لبنان، وهي طالما وقفت إلى جانبه في الأزمات والملمات. ولكن، وفي الوقت نفسه، لا بدّ للبنان أن يكون وفياً لعلاقاته الأخوية مع المملكة، ومنسجماً مع نفسه، ومع التزامات انتمائه العربي، ويواجه المخططات والمشاريع التي تحاول سلخه عن المحيط العربي، وربطه بمحاور وصراعات تلحق أفدح الأضرار بمصالح لبنان واللبنانيين، على جميع المستويات الوطنية والاقتصادية والاجتماعية.

2 – أن الأشقاء العرب، وفي طليعتهم أبناء المملكة العربية السعودية، يتطلعون إلى العودة للبنان، والمجيء والإقامة والاستثمار فيه، في أعقاب إنهاء الفترة الحالية من عدم الاستقرار، والتوصل الى حلول سياسية ترسّخ الأمن، وتطوي صفحة التوتر الداخلي، وتشجع الأجواء التي تطمئن السياح العرب والأجانب، بهدف استعادة الحركة السياحية السابقة، وتنشيط الدورة الاقتصادية التي تعاني في السنوات الأخيرة من ركود وكساد.

3 – لا يجوز استمرار الشغور الرئاسي، وهو على أبواب دخول عامه الثالث، والذي يُهدّد الدولة والمؤسسات في الوصول إلى حافة الهاوية. ولا بدّ من مساع جدية لتقريب وجهات النظر، وتضييق شقة الخلافات، وصولاً إلى توحيد الإرادة السياسية بإجراء الانتخابات الرئاسية في أقرب فرصة ممكنة (السفير عسيري بأن يكون للبنان رئيس عشية عيد الفطر) «ليكون للبنان رئيس يقود السفينة إلى ميناء الطمأنينة والازدهار، ويحقق آمال وتطلعات كافة اللبنانيين».

4 – دعوة الزعماء اللبنانيين لإنهاء القطيعة بين بعضهم، والخوض في حوار جدّي ومخلص للتوافق على خطة إنقاذية للبلد، الذي يتخبّط بكمّ من المشاكل الاجتماعية، والأزمات الاقتصادية، بسبب هذا الشلل في مؤسسات الدولة نتيجة الفراغ الرئاسي، وتعطيل المؤسسات الدستورية.

ومن هنا جاء حث عسيري ضيوفه من الزعماء والسياسيين على عملية التقارب في ما بينهم، من دون أن ينتظر الواحد منهم الآخر أن يبدأ بمثل هذه الخطوة، مؤكداً على مسامعهم ما حرفيته: «لبنان يستحق بذل الجهود… لبنان أمانة في أعناقكم، فاحرصوا على الأمانة، أبناؤكم يتطلعون إلى قراراتكم وخطواتكم، وعليها تتوقف قراراتهم وخطواتهم ومستقبلهم».

5 – توظيف نجاح إجراء الانتخابات البلدية، بكل رقي وديمقراطية، واعتبارها خطوة في اتجاه إجراء الانتخابات الرئاسية ثم النيابية، مع كل ما يحمله هذا الكلام من دعم وتأييد لإجراء الاستحقاق الانتخابي وفق آلية دستورية صحيحة، وخالية من الشوائب.

* * *

في الرحلة الطويلة بين بيروت وبوردو مع رئيس شركة طيران الشرق الأوسط محمّد الحوت، لاستلام طائرة جديدة للشركة الوطنية الكبيرة، سألني قطب اقتصادي بارز عن مغزى الدعوة السعودية الجامعة.. وهل ستؤدي إلى انفراجات لبنانية وشيكة؟

أجبت بإسهاب: المملكة أكدت للبنانيين من جديد أنها على مسافة واحدة من الجميع، وهي حريصة على العلاقة مع كل الأطراف السياسية والطائفية في لبنان، وهي مع الوفاق اللبناني دائماً، ومع كل ما يفيد الحفاظ على الأمن والاستقرار في لبنان.

وختمت: الباقي على اللبنانيين والقيادات السياسية ليتحملوا المسؤولية التاريخية، وينقذوا وطنهم من الانهيار!

فهل هم قادرون؟