IMLebanon

نداء الوطن : “مستحيلان” يتمخّضان عن “قمّة البحرين”: قوات دولية ومؤتمر سلام لفلسطين

عباس يتّهم “حماس” بـ”توفير ذرائع” لإسرائيل… والحركة “تأسف” لخطابه

 

خرج القادة العرب في ختام القمّة العربية الـ33 في البحرين أمس، بدعوتين أساسيّتَين للأمم المتحدة والمجتمع الدولي، تتلخّصان بالمطالبة بـ»نشر قوات حماية وحفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة في الأرض الفلسطينية المحتلّة، إلى حين تنفيذ حلّ الدولتين»، وبـ»عقد مؤتمر دولي تحت رعاية الأمم المتحدة، لحلّ القضية الفلسطينية على أساس حلّ الدولتين»، فيما رأى مراقبون أن تحقيق هاتين الدعوتين اللتين تمخّضت بهما «قمّة البحرين» مستحيل، إذ إنّ الظروف الدولية الحالية تحول دون ذلك بسبب الخلافات الجيوستراتيجية العميقة بين القوى الفاعلة دوليّاً، خصوصاً الولايات المتحدة وأوروبا، من جهة، والصين وروسيا من جهة أخرى.

وهذان «المستحيلان» البعيدان عن الواقع، يصطدمان بعقد جيوسياسية وبـ»بيئات أمنية» مضطربة، تبدأ بالشرق الأوسط تحديداً وتمرّ بشرق أوروبا وشمالها ولا تنتهي بمنطقة المحيطَين الهندي والهادئ. وتُطرح حول الدعوتين علامات استفهام كثيرة، بينها: هل تقبل إسرائيل أصلاً بإنتشار قوّات دولية في الأراضي الفلسطينية المحتلّة؟ ومَن مِن الدول ستُخاطر بإرسال جنودها إلى منطقة حسّاسة قابلة للإشتعال السريع، وتضعهم فوق «فوهة بركان» الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي؟ وكيف سيُعطي مجلس الأمن الدولي «الضوء الأخضر» لقرار نشر قوات أممية ويؤمّن الغطاء له، بينما «سيف» الفيتو والفيتو المضاد، خصوصاً بين واشنطن وموسكو، يبقى مصلتاً فوق أي مشروع قرار مطروح في هذا الخصوص وسط «كباش» حاد على المصالح والنفوذ؟

وبالفعل، فقد جاء ردّ الأمم المتحدة سريعاً على لسان نائب المتحدّث باسم المنظمة الدولية فرحان حق الذي ربط الأمر بـ»موافقة مجلس الأمن» الدولي، معتبراً أيضاً أنّه «يجب أن تكون هناك شروط على الأرض، بما في ذلك قبول الأطراف لوجود (قوات) الأمم المتحدة، وهذا أيضاً أمر يجب ترسيخه، وهذه ليست أشياء نعتبرها أمراً مفروغاً منه».

وشارك العديد من الزعماء في القمّة، بينهم وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان والملك الأردني عبدالله الثاني، والرؤساء المصري عبد الفتاح السيسي، العراقي عبد اللطيف رشيد، والفلسطيني محمود عباس. وجاء في بيان آخر صادر عن القمّة المطالبة بـ»الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار في غزة، ووقف كافة محاولات التهجير القسري وإنهاء كافة صور الحصار والسماح بالنفاذ الكامل والمستدام للمساعدات الإنسانية وإنسحاب إسرائيل الفوري من رفح».

وحضّ «إعلان المنامة»، «كافة الفصائل الفلسطينية للإنضواء تحت مظلّة منظمة التحرير الفلسطينية… الممثّل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني»، فيما كان لافتاً اتهام الرئيس الفلسطيني محمود عباس في خطابه، «حماس»، بتوفير «ذرائع» لإسرائيل لتُهاجم قطاع غزة، وقال إنّ «العملية العسكرية التي نفّذتها «حماس» بقرار منفرد في ذلك اليوم، في السابع من تشرين الأوّل، وفّرت لإسرائيل المزيد من الذرائع والمبرّرات كي تُهاجم قطاع غزة وتُمعِن فيه قتلاً وتدميراً وتهجيراً».

كما اعتبر عباس أن موقف «حماس» الرافض لإنهاء الإنقسام والعودة إلى مظلّة الشرعية الدولية، جاء «ليصبّ في خدمة هذا المخطّط الإسرائيلي»، بينما أعربت الحركة في بيان عن «أسفنا لما جاء في كلمة رئيس السلطة الفلسطينية… حول عملية طوفان الأقصى البطولية، ومسار المصالحة الداخلية، ونؤكّد أن العدوّ الصهيوني لا ينتظر الذرائع لارتكاب جرائمه بحق شعبنا». ورحّبت «حماس» بالبيان الختامي للقمّة العربية.

من جانبه، وصف ضيف القمّة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، حرب غزة، بأنها «جرح مفتوح قد يتسبّب بعدوى في جسد المنطقة بأسرها»، داعياً إلى «الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن». وجدّد التأكيد أن «ما من وسيلة دائمة لإنهاء مسلسل العنف والاضطرابات سوى الحلّ القائم على وجود دولتَين».

في سياق متّصل، دان البيان الختامي للقمّة «بشدّة التعرّض للسفن التجارية بما يُهدّد حرّية الملاحة والتجارة الدولية ومصالح دول العالم وشعوبه»، مؤكداً التمسّك بـ»ضمان حرّية الملاحة في البحر الأحمر وبحر العرب وبحر عُمان والخليج العربي».

في الأثناء، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن العمليات العسكرية في مدينة رفح حاسمة في الحرب ضدّ «حماس»، وقال بُعيد إعلان إسرائيل مقتل 5 من عسكرييها في غزة بـ»نيران صديقة»، إنّ «المعركة في رفح حاسمة… إنّها معركة تُقرّر أشياء كثيرة في هذه الحملة»، مؤكداً أن «استكمالها يُقرّبنا بمسافة كبيرة من هزيمة العدوّ»، فيما كشف وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن قوات إضافية «ستدخل رفح»، متعهّداً بـ»تكثيف» العمليات في المدينة.

توازياً، أنجزت الولايات المتحدة إرساء ميناء عائم موَقّت قبالة شواطئ غزة، في خطوة طال انتظارها ويؤمل في أن تُساهم بزيادة إيصال المساعدات إلى القطاع، في حين أبدى قائد القوات البحرية الأميركية في الشرق الأوسط الأدميرال براد كوبر في واشنطن اعتقاده أن «حوالى 500 طنّ (من المساعدات) ستصل في اليومَين المقبلَين». وأكد الجيش الإسرائيلي إنجاز أعمال تثبيت الميناء العائم، مؤكداً أنه «خلال الأيام المقبلة، سيبدأ دخول الشاحنات» من المنصّة البحرية إلى القطاع.

قضائيّاً، اتهمت جنوب أفريقيا، إسرائيل، أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، بتصعيد «الإبادة» التي ترتكبها في غزة، داعيةً المحكمة إلى إصدار أمر بوقف الهجوم الإسرائيلي على مدينة رفح. واستمعت المحكمة إلى محامين يُمثّلون بريتوريا تحدّثوا عن مقابر جماعية وتعذيب وعرقلة متعمّدة للمساعدات في القطاع، فيما ستعرض إسرائيل ردّها اليوم.