على قاعدة “لكل مقام مقال”، برز على شريط التغطيات الإخبارية الدولية أمس المقال الذي نشرته وكالة “رويترز” وكشفت فيه عن ارتفاع قياسي في كلفة التأمين على الديون السيادية اللبنانية بسبب المخاوف التي أثارتها كلمة رئيس الجمهورية ميشال عون خلال احتفال عيد الجيش حول “التضحيات” والخشية من ضياع “المكتسبات”. فكلام عون حول مخاطر ما يمكن أن تفرضه المؤسسات الدولية من إجراءات مالية قاسية لم يمر مرور الكرام إنما خض سوق الديون السيادية واهتزت له أسواق التأمين على هذه الديون لترتفع فوراً عقود مبادلة مخاطر الائتمان اللبنانية لخمس سنوات إلى 990 نقطة أساس، بزيادة 33 نقطة أساس عن إغلاق نهار الخميس.
وإذ لم يكن عون المسؤول الأول الذي يتكلم عن صعوبة الأوضاع المالية وتقويم المؤسسات المالية لوضع لبنان الصعب، فقد سبق لوزير المالية علي حسن خليل أن استعمل تعابير لم تطمئن إليها الأسواق المالية في معرض التعبير عن الوضع الدقيق للمديونية العامة فكانت كلفة تعابيره باهظة على حاملي اليوروبوند اللبنانية وعلى الإقتصاد، ما استدعى وقتها عقد اجتماع إقتصادي في القصر الجمهوري تحديداً وبمبادرة من الرئيس عون، للملمة آثار تعابير خاضعة “للتأويل”. وبعد وزير المالية أتى تصريح رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري من مجلس النواب حين قال إن لبنان لا يمكنه أن يسير بـ”مقترحات البنك الدولي” كافة، الذي يعلم الجميع أنّ لديه ملاحظات حول السياسة النقدية لمصرف لبنان.
لكن وبالرغم من ذلك، شكّل كلام عون البارحة خضة واضحة في الأسواق والإقتصاد، وذلك حتى قبل تأويل كلامه، ما دفع بالمكتب الإعلامي لقصر بعبدا إلى المسارعة لتصويب الموقف والتصويب على “رويترز” بوصفها عممت “أخباراً مختلقة” وتوصلت إلى “استنتاجات خاطئة” لتحدث جراء ما نشرته “تداعيات سلبية على السندات السيادية للدولة اللبنانية وكلفة التأمين عليها”.
وإلى خضة “السندات”، احتدمت خلال الساعات الأخيرة جبهة “الصلاحيات” على خط بعبدا – السراي حيث ساد التراشق الإعلامي بين مصادر الرئاستين الأولى والثالثة على خلفية الدعوة لانعقاد مجلس الوزراء. وفي التفاصيل أنّه وبعدما سربت دوائر بعبدا مبادرة رئيس الجمهورية، “إنطلاقاً من موقعه وصلاحياته لا سيما الفقرة 12 من المادة 53 من الدستور”، إلى الاتصال برئيس الحكومة طالباً منه الدعوة إلى عقد مجلس الوزراء في أقرب وقت، عادت دوائر السراي لتعمم عن مصدر حكومي رداً حازماً مفاده أنّ “الرئيس الحريري يدرك صلاحياته ويتحملها على أكمل وجه ويلتزم حدود المصلحة الوطنية ادراكاً منه للمخاطر التي ستترتب على أي خطوة ناقصة في هذه المرحلة الدقيقة”، مع الإشارة إلى وجوب “تحقيق المصالحة وتوفير الأمان السياسي” إزاء قضية قبرشمون بغية دعوة مجلس الوزراء للانعقاد.
وسرعان ما اندلعت التصاريح على جبهة الصلاحيات، مستهلة برد مصدر مقرب من عون على كلام المصدر الحكومي بعبارة “لبنان دولة وليس عشيرة”، قبل أن يستلم وزير الدفاع الياس بو صعب راية الدفاع عن صلاحيات رئيس الجمهورية بقوله: “ممنوع أن يقول أحد لرئيس الجمهورية لماذا تطالب بعودة إجتماع الحكومة”. الأمر الذي لاقى رداً غير مباشر من الأمين العام لــ”تيار المستقبل” أحمد الحريري بتشديده على أنّ “رئيس الحكومة مؤتمن على الوفاق ولا أحد بمقدوره قلب المعادلات وإسقاط “الطائف” في دوامة التفسيرات”، ليلاقي بعدها الحريري مؤازرة جنبلاطية سريعة على لسان الوزير وائل أبو فاعور الذي أكد أنّ “رئيس الحكومة هو صاحب العلاقة والقرار والتقدير بشأن الدعوة لجلسة مجلس الوزراء، وهذا الأمر لا يمكن أن ينازعه عليه أحد ونحن ندعم أي قرار يتخذه بهذا الخصوص”.
أما على جبهة “التيار الوطني الحر” وحزب “القوات اللبنانية”، وفي حين بدا كلام رئيس الحزب سمير جعجع عن العلاقة مع رئيس التيار جبران باسيل ليل الخميس قد أثار امتعاضاً واسعاً في “ميرنا الشالوحي”، فقد آثرت مصادر قيادية بارزة في “التيار الوطني الحر” التذكير عبر “نداء الوطن” بأنّ جعجع سبق وأن أيد باسيل في مسألة وجوب تحقيق الشراكة الكاملة في الإدارة بين المسيحيين والمسلمين، وبأنّ “التيار الوطني” وقف بوضوح إلى جانب وزير العمل في موضوع العمالة الفلسطينية، معتبرةً في المقابل أنّ مسار “القوات” في عدم دعم العهد و”محاولة تفشيله” هو الذي شكل “الضربة الأساس” لتفاهم معراب.