IMLebanon

مصر والإمارات: رأس ينتج الحكمة

 

بتوقيع مصر والإمارات العربية المتحدة، على اتفاق استثمار وتطوير منطقة رأس الحكمة على الساحل الشمالي المصري، يكون البلدان العربيان قد قدما النموذج، على ما تفترضه العلاقات الأخوية التي تختلف جذرياً عن سرديات الممانعة والمقاومة والعزة والكرامة.

 

للحكمة رأس يعمل ويفكر ويرسم الرؤى والخطط المستقبلية، ويحسب حساب الزمن من عمر الشعوب، بالدقيقة والثانية، فلا يضيع وقت مستقطع، في سجون الإيديولوجيا العقيمة، ومعارك طواحين الهواء، وإلهاء الشعوب بما يعيدها دائماً إلى الوراء، ويرسم السواد، وينبذ الأحلام الكبيرة. رأس الحكمة في هذا الاستثمار غير المسبوق، أنه انطلق من لغة العقل والمصلحة المتبادلة لا الشعارات الجوفاء.

 

ستحصل مصر على عشرات مليارات الدولارات خلال فترة شهرين، سيتم ضخها في اقتصادها الذي يكافح لمواجهة ما يعانيه جراء أزمات المنطقة. ستعزز مصر احتياطها من العملات الصعبة، وسترد جزءاً من ديونها المستحقة، وستستطيع السيطرة على قيمة الجنيه مقابل الدولار. ستحيي مصر منطقة مهملة، هي من أجمل الشواطئ على المتوسط، وستستفيد من نسبة 35 بالمئة من أرباح هذا الاستثمار السياحي الضخم، وستشغّل عشرات الآلاف من الشباب المصري. ستكسب مصر وجهة سياحية إضافية، ستمكنها من تعزيز مكانتها الاستقطابية، كوجهة سياحية ممتازة في المنطقة.

 

في المقابل، ستكسب الإمارات العربية المتحدة، استثماراً مدروساً لأمد طويل، بمردود عال. سيزيد هذا الاستثمار من قوة ومتانة العلاقة المصرية الإماراتية، ومن المصلحة المشتركة، في الحفاظ على هذه العلاقة، وتطويرها. سيؤدي نموذج الاستثمار هذا إلى تشجيع رأس المال العربي، على البقاء في المنطقة العربية، وسيساهم بتنمية هذه الشعوب، وتعزيز تعاونها، وفق معادلة تبادل المصالح، التي هي الطريق الحقيقي إلى مستقبل أفضل للجميع.

 

رأس الحكمة تتمثل اليوم بهذا المشروع العملاق، الذي يكرس وحدة ساحات من نوع مختلف. وحدة تفتح الباب لبناء المدن الجديدة، وتنمية الاقتصادات، وبناء المدارس والمستشفيات والجامعات، ورفع قيمة دخل المواطن العربي، وإعطائه الأمل بمستقبل وطنه إلى أي وطن انتمى. الرأس في مصر ينتج الحكمة، أما في بيئة الممانعة، فلا ينتج إلا لغة الفوضى ونشر الميليشيات وتقويض أسس الدولة، وتعميم خطاب المفاخرة بالعزة والكرامة، على وقع فشل وانهيار مرشح لأن يصبح حالة مستدامة لا شفاء منها.

 

عندما يعاين مواطنو وحدة الساحات التي تقودها طهران، هذا النموذج الممتد من الرياض إلى أبو ظبي إلى القاهرة، لا بد سيشعرون بما يختلف عن مجرد الاشمئزاز، فهم باتوا أسرى لدى محور يعمل بقواعد القرون الوسطى، فيما العالم يسير بسرعة قياسية، إلى سباق لابتكار كل ما يعزز مكانة الانسان.