IMLebanon

الطب النووي… هل يُهدِّد صحة الإنسان أو يخدمها؟

 

 

إنّ قسم الطب النووي هو فرع من التصوير الطبي، حيث يستخدم نسباً قليلة من المواد المشعة لغرض تشخيص المشكلة، وتحديد شدتها، ومعالجة امراض مختلفة، بما في ذلك انواع كثيرة من السرطانات، وامراض القلب والجهاز الهضمي، واضطرابات الغدد والاضطرابات العصبية بالاضافة الى التغيّرات الاخرى في الجسم. وبما انّ باستطاعة إجراءات الطب النووي تحديد موضع الفعاليات الدقيقة داخل الجسم، فإنه يوفّر إمكانية اكتشاف المرض في مراحله المبكرة وتحديد مدى الاستجابة للتدخل الطبي.

في حديث لـ«الجمهورية»، شرح د. محمد حيدر، مدير قسم الطب النووي في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، ورئيس الجمعية العربية للطب النووي، أنّ «كلّ استعمال للمواد المشعّة يحدث تحت إشراف طبّي دقيق، بشكل لا يلحق الضرر بالجسم أكثر من أي إشعاع آخر. والفارق بين الماسح الضوئي والتصوير بالرنين المغناطيسي من جهة، والتصوير النووي من جهة أخرى، هو أنّ أوّل اثنين يعتمدان على صورة لأعضاء الجسم، فيما يعتمد الأخير على العمل الوظيفي لأعضاء الجسم».

 

وأوضحت د. ريتا شاهينيان، وهي متخصّصة في الطب الإشعاعي وطالبة في الطب النووي، أنه «في الطب النووي يُدخل الطبيب مادة مشعّة إلى جسم المريض، فيصبح المريض هو المشعّ، والآلة تتلقى الأشعة، وتترجمها إلى صور وظيفية. ويأتي اللجوء إلى الطب النووي، للعلاج أو التشخيص، بعد اللجوء إلى الفحوصات المتعارَف عليها، أي في مرحلة متقدمة من تشخيص المرض».

 

التشخيص

أغلب فحوصات الطب النووي غير مؤلمة، وتساعد الأطباء في تشخيص المشاكل الطبية وتقييمها. وتستخدم هذه الفحوصات مواد مشعّة تسمّى الصيدلانيات المشعّة او مواد الدلائل المشعة.

 

قال د. حيدر: «يتم إعطاء المواد المشعة عن طريق الحقن الوريدي او الفم او المجاري التنفسية على شكل غاز، اعتماداً على طبيعة الفحص النووي. ويتم تصوير انبعاثات المواد المشعة عن طريق جهاز تصوير يولّد الصور ويوفّر المعلومات الدقيقة».

 

المجالات الشائعة لاستخدام الطب النووي

يستخدم الاطباء إجراءات التصوير النووي لأجل رؤية تركيب ووظيفة الجسم، النسيج، العظام، او اجهزة الجسم.

ويتّفق الأخصائيون في المجال أنّ أبرز حالات استخدام التصوير النووي هي التالية:

القلب، والرئتين، والعظام، والدماغ، والغدة الدرقية، وغدد الكالسيوم، وفحص الكلى، والمرارة، والأمعاء، وغيرها.

وحدّد د. محمد أنّ «أكثر فحوصات الدماغ تتعلق بمرض الصرع. أما فحوصات الغدة الدرقية، فمخصّصة لتقييم فعالية الغدة الدرقية، وللمساعدة في تشخيص تضخّم الغدة الدرقية واضطرابات الخلايا الدموية». كما أشار إلى أنّ «الطب النووي هو المجال الوحيد الذي يكشف الخرف قبل تطوّره لدى الأفراد الذين يمتلكون تاريخاً عائلياً مرتبطاً بالخرف».

وأضاف: «الهدف من فحوصات الغدة الدرقية هو تحديد فرط الإفرازات في الغدة كاملة، أو في جزء منها، أو التهابات ناتجة عن فيروس أو دواء أو غيرها».

 

الطب النووي والسرطان

يختصّ الطب النووي أيضاً في تشخيص الأمراض السرطانية وتحديد مدى انتشارها في الجسم، وبحسب د. حيدر ود. شاهينيان: «هنا تكمن أهمية التقنية بالنسبة للتقنيات الأخرى. إذ يسمح الطب النووي بتحديد مدى نشاط المرض وتجاوبه مع العلاج قبل رؤية النتائج في غضون أسبوعين بدلاً من 6 أشهر مثلاً».

 

ويؤدي الطب النووي دوراً كبيراً في:

• التخطيط للعلاج،

• تقييم الاستجابة للعلاج،

• تشخيص عودة السرطان،

• تشخيص الأورام النادرة في البنكرياس والغدة النخامية.

 

ولفت د. حيدر إلى أنّ علاجاً جديداً في الطب النووي أحدثَ ثورة في علاج سرطان البروستات بالتحديد: «بعد أن كان يعاني مرضى هذا السرطان في آخر مراحله أياماً أخيرة مليئة بالألم، أصبح بإمكان الأطباء تقديم علاج إضافي، والحدّ من تطوّر المرض، وتوفير رعاية مخفّفة للآلام». ويضيف: «كما أصبح بإمكاننا أن نستخدم هذا الدواء في المراحل الأولية للمرض لتحقيق نتائج أفضل، ونأمل أن نتمكن من استعماله لاحقاً لعلاج أنواع أخرى من السرطان».

 

الأجهزة التشخيصية

تختصر الأجهزة التشخيصية على جهاز غاما كاميرا، وجهاز بيت-سي تي. ويمكن تقييم الاضطرابات الوظيفية للكثير من اعضاء الجسم عن طرق جهاز غاما كاميرا.

وجهاز بيت-سي تي هو طريقة يتم استخدامها في طب الاورام، ولا غنى عنه، ولا يمكن استبداله فهو يوفّر فرصة تحديد الاورام السرطانية وتقييم الانتشار وتحديد المرحلة وتقييم عودة المرض.

أما تصوير سرطان البروستات بمادة الغاليوم 68، فهو عن طريق استخدام «الببتيدات» المرتبطة بمادة الغاليوم 68 على جهاز بيت-سي تي، حيث يتم تشخيص وتقييم مراحل سرطان البروستات وأورام الغدد الصمّاء.