IMLebanon

معارضات تتفوَّق على ذاتها والرياض تسبق بالتحالف

مع صحة انّ الافرقاء الاقليميين والدوليين يتبادلون الرسائل الدموية عبر الازمة السورية، يبدو صحيحاً اكثر انّ مؤتمر المعارضات السورية، السياسية منها والعسكرية، الذي اجتهدت الرياض في توفير ظروف نجاحه، ليتجاوز كل المطبات، تقريباً، أعاد الكرة الى ملعب الخصوم، من موسكو الى طهران، مروراً بالنظام السوري.

وما خلصت اليه اجتماعات المعارضات في العاصمة السعودية، على مدى نحو ثلاثة ايام، يعتبر ترتيباً متقدماً، بعنوانين:

* صورة واعدة للمعارضة بقدرتها على التحاور والتوحد فيما بينها.

* تشكيل هيئة تفاوضية عليا، تمثل اربعة كيانات هي: الائتلاف الوطني. هيئة التنسيق الوطنية. المستقلون. الفصائل الثورية.

ردّ كرة معارضي الاسد، الى ملعب خصوم الخارج، موسكو وطهران، أتى مدعماً بتشكيل الوفد المفاوض، الذي يفترض ان يلتقي وفد النظام، بقوام 15 ممثلاً لكل من الائتلاف والفصائل العسكرية وهيئة التنسيق والمستقلين. والجميع تحت شعار: التسوية السياسية للقضية السورية بناء على بيان جنيف والقرارات الدولية، بخاصة جنيف 1 وبرعاية الأمم المتحدة وضمانتها، وخلال فترة زمنية محددة.

امّا الرد الأكثر قسوة، فيبرز ضد النظام، بتأكيد المعارضات على الدولة المدنية الديموقراطية وغير المركزية، وأنّ هدف التسوية، تأسيس نظام سياسي جديد لا مكان فيه لبشار الأسد.

ومن خلال الردّين، أظهرت المعارضات المختلفة نضوجاً كافياً، وقدمت تضحيات مناسبة للمرحلة، إن بوجوهها السياسية او العسكرية، امّا تحفظات «حركة احرار الشام» على مسار المؤتمر ومخرجاته، فلا تفسد للود قضية، لأنّ انتشارها الفاعل ميدانياً يحفظ دورها راهناً ومستقبلاً، كيفما سارت الامور في المفاوضات.

سباق الوقت من الرياض الى نيويورك، عبر في جنيف، التي شهدت مباحثات بين الولايات المتحدة وروسيا بمشاركة أممية، تهيئة لأجواء الاجتماع الدولي في نيويورك، من دون ان تتسرّع الرياض في سلق مفاوضات المعارضات السورية، بكل تلاوينها، بعكس المخاضات التي كانت ناصعة في اجتماعات اسطنبول، والتي لم تخل يوماً من مناحرات شخصانية، لا تنتهي سوى بتدخلات تركيا او السعودية لرأب الصدع، فيما كان يسود الاعتقاد انّ النهاية لاحت في أفق سوريا، بهزيمة النظام، ليتبيّن انّ الافرقاء الاقليميين والدوليين، من موسكو الى طهران، ما استثمروا الكثير الكثير في ازمة سوريا، ليفرّطوا به بهذه البساطة.

الرياض التي أنجزت اكثر من المطلوب مرحلياً، في تمتين المعارضة السورية، لاقَتها المملكة الاردنية بعد ايام باختيار لائحة من مئة وستين تنظيماً مشتبهاً بالتورّط في الأنشطة الإرهابية في سوريا، حيث تناقش هذه اللائحة خلال الاجتماع الوزاري لمجموعة دعم سوريا في نيويورك.

وهو أمر يسهّل مسيرة الطرح السعودي بتشكيل تحالف دولي إسلامي لمكافحة الإرهاب، تشارك فيه 34 دولة، بينها 17 دولة عربية، ومهمته التصدي للإرهاب عسكرياً وفكرياً وإعلامياً وأمنياً… وموسكو التي فوجئت بالطرح، لم تستطع اكثر من الوعد بدراسته، مبدية الاستعداد للحوار والتنسيق مع أي دولة في شأن مكافحة الإرهاب…

امّا بعد، لن يسمح للمعارضات السورية، بعد الرياض، التراجع او المزايدة، فيما لن يكون سهلاً على النظام صرف التشبّث برئيسه، ما دامت الخطوط العامة، بين موسكو وواشنطن، تلحظ ثمناً ما يدفعه النظام في المرحلة الانتقالية، مقابل ما قدّمته المعارضات في الرياض… والأمر مدعوم بمسيرة على خطين متوازيين: التحالف المناهض للارهاب بقيادة السعودية، في سوريا واليمن وأيّ مكان عربي، والتحالف الدولي ضد الارهاب في سوريا وفي الداخل الغربي.