IMLebanon

عن موازنة الحرب والسلم

يناقش النوّاب اليوم مشروع موازنة أُشبِعَت نقاشاً على طاولة الحكومة، ثم في لجنة المال، بين الكتل التي ينتمون إليها.

هم، إلى حد كبير، ومهما علا الصخب في الجلسة، يناقشون “لا شيء”. وإذا تجاوزنا قطوع “كشف الحساب”، وضرورة إرساله من الحكومة، وحيثيات مضيّ أكثر العام الموزون في هذه الموازنة، سنجد أنّنا في برلمان بلا معارضة. الجميع في الموالاة والمعارضة في آن. والجميع “مع” و”ضد” الموازنة – اذا ما استثنينا الرئيس سعد الحريري.

والنقاش مفرغ من مضمونه أساساً بمجرّد كون التركيز على تخفيض العجز مفصولاً عن توخّي شروط إعادة رفع النمو، والنموّ بدوره منقطعٌ السؤال حوله عن رفع الإنتاجية، وهذه عن العدالة الضريبية.

تعويضاً عن الخوض في كلّ هذا، سيجد النواب ضالّتهم في محاربة الفساد. وكلّ يرى هذا الفساد في عين الآخر. والمشكلة لا تكمن هنا، ولا في “عدم تسمية المفسدين” كما درجت الشكوى، ولا في تسميتهم من دون طائل قضائي. المشكلة في إغفال أنّ ثمّة مشكلات أعمق وأخطر من كلّ منظومات الفساد، ولا يمكن من دون مقاربة هذه المشكلات تحريك شيء أصلاً ضدّ الفساد، إلا في المواسم البرلمانية…على قلّتها.

وبطبيعة الحال، لن يجد النواب هذا الصيف مساحة لمناقشة كشوف “الحرب والسلم”. يخرجون عن الموضوع اليوم، في الوقت الذي أعادنا السيد حسن نصرالله إليه. الموضوع هو أنّ حرباً يمكن أن تقع في أي لحظة. هذا بناء على المنطق التالي: بات “الحزب” قوة رادعة فعلية لأي اعتداء اسرائيلي على لبنان، ولو أنّ الأمور محصورة بلبنان واسرائيل لطغت معادلة الردع هذه الآن، لكن هذه المعادلة سيطاح بها إذا ما انفجر النزاع المسلّح على إيران، وكل ما بوسع السيد قوله هنا هو أنّ إيران لن تكون البادئة في الهجوم.

الكلام الأخير لنصرالله هو “الموازنة الحقيقية”، ومختصرها: الحرب الإسرائيلية على لبنان مستبعدة في الأمد المنظور لكنّ الحرب الأميركية على ايران غير مستبعدة، وهذه ستجرّ كل المنطقة. الخيار للنواب، وللبنانيين جميعاً، إما أن يناقشوا في هذه الموازنة…وإما أن يناقشوا في اللاشيء!