IMLebanon

معبران فقط…للّه يا محسنين

 

من الظلم تعميم وصف التفاهة على ما حصل في جلسات الموازنة. فبعض النواب والكتل بذل حتماً جهوداً لإحداث اختراق وتضمين بنود إصلاحية وترقيع ما يمكن من ثوب المالية البالي.

 

ومن المحاباة بالطبع القول “ليس أفضل مما كان” وأنّ الحكومة الخليعة والمجلس العظيم بذلا المستطاع، لأنّ في هذا الكلام من بعض الوجوه تذكير بفكرة “التركة الثقيلة” التي يحولها العهد الميمون الى “قميص عثمان” بدل أن يقرّ بفشله الذريع حتى الآن.

 

ليست جلسات الموازنة مسرحية أو مسلسلاً درامياً حتى ولو نقلت مباشرة على التلفزيون. إنها ارتكاب فعلي لجريمة كاملة، أركانها قائمة بالقرائن والأدلّة، بيد أنّ المشعوذين يستطيعون مسح آثار الدماء، فيما كبار السحرة يضمنون إخفاء الجثة في الختام.

 

 

وبعيداً من التشبيه، هذه الموازنة لن تحقّق شيئاً، حتى ولا ابرة مورفين. فالعجز المتوقع حتى نهاية العام أكثر من 5 مليارات دولار، ووكالات التصنيف العالمية ترأف بحالنا فتؤجل تقاريرها حتى لا تزيد من المخاوف فيلطشنا رياض سلامة هندسة جديدة لمصرف تابع لحزب جديد.

 

لكن المأساة تكمن في أن من أقرّ الموازنة يدرك تماماً أننا ذاهبون الى المجهول – المعلوم، وهو الانهيار، ولا يزال “يزعبر” على الناس، تارةً عبر إيهامهم بأنّ زيادة الضرائب والرسوم تزيد الواردات، وطوراً بأنّ حجوزات الفنادق على قدم وساق والتحويلات الخارجية قادمة لتعديل ميزان المدفوعات، في وقت يؤكد الخبراء أنّ اجراءات مشابهة في بلدان عدة أدّت إلى تعاظم التهريب وتراجع الإيرادات والانزلاق في ركود، أو انكماش في أحسن الأحوال.

 

 

أما لماذا وقعنا بما نحن فيه؟ فالجواب بسيط: لأنهم يتأرجحون بين حدّي الانتهازية الوقحة والجبن الوضيع. يستطيعون التنديد بالفساد ورفع الصوت “ضدّ المزايدين والشعبويين”، فيما هم لا يجرؤون على إقفال معبر واحد من 136 أتحفنا وزير المال بوصفها أصل الداء، فيما زميله وزير الدفاع تفقد حسن سيرها شاكياً قصر ذات اليد وباكياً ضيق الحال.

 

 

لا نريد ضبط المعابر الـ 136. نحن بسذاجتنا نستطيع إنقاذ الموازنة، بلا استعانة لا بفذلكة ولا خبراء ولا خطباء مفوهين. نريد “شرعنة” معبرين فقط، هما المرفأ والمطار ونكون لكم يا اصحاب المعالي والسعادة شاكرين حامدين.