IMLebanon

جيشنا  

 

يستحيل أن يخلع الكاتب عواطفه وهو يتحدث عن جيش الوطن. أقله يستحيل عليّ شخصياً أن أكون حيادياً وأنا أتناول جيش لبنان في كلّ مرة أكتب عنه… وما أكثر تلك المرّات.

 

عرفت الجيش عن قرب. عايشته من موقع المسؤولية ذات حقبة محفوفة بالمخاطر الكثيرة. عرفته مباشرة من شرفة وزارة الدفاع، وعرفته مباشرة من رئاسة تحرير مجلة «الجيش» سنوات عديدة. وعرفته مباشرة من خلال إحتكاكي بضباطه من مختلف الرتب يوم درّستُ الضباط في المدرسة الحربية.

وفي تلك المراحل كلها عمّقتْ معرفتي المباشرة بجيشنا إيماني بلبنان ورسخت إقتناعي بأنّ لبنان صامد مع هذا الجيش الذي إجترح «العجائب».

هذا يوم كان طالعاً من الحرب المدمرة في مطلع التسعينات، ليتبين فعلاً أنّ حكاية طائر الفينيق تنطبق عليه تماماً. إذ عندما تقرّر دمج الألوية كانت الأيدي على القلوب مخافة أي دعسة ناقصة. ولكن ما حدث أدهش القريب والبعيد. وفي سرعة قياسية تمت عملية الدمج ليتبين فعلاً (رغم ظلامية المرحلة) إنه جيش الوطن كله… وقد حمل على عاتقه مسؤوليات عديدة أبرزها الأمنية، ومعها الدور الإنمائي والحضاري والثقافي من تحسين الطرقات وإعادة الرونق الى القلاع وسائر الآثار، وعمليات الإنقاذ براً وبحراً وجوّاً… الخ.… وكأنّ هذا الجيش لم يكن آتياً من معمودية النار الحقيقية طوال سنوات عديدة. والأهم تأكيد هذا الجيش أنه جيش الوطن كله.

ولست، ها هنا، في معرض تعداد ما قام به جيشنا في تلك المراحل، ولا الإنجازات العظيمة التي حققها منذ ذلك الحين وحتى اليوم، والتي كلّلها بتحرير الجرود من رجس الإرهابيين… إنما فقط هي شهادة حق في هذا الجيش الذي كان يخلق من الضعف قوة، والذي لم يتردد عن تلبية واجب، ولم يتخلّف عن تأدية مهمة، ولم يفشل في حمل المسؤولية.

والجيش اللبناني، يتفرّد بين سائر الجيوش في العالم بأن المهام الموكلة إليه هي أكثر شمولية، بدليل أنه يسهر على الأمن بقدر ما يسهر على الذود عن حياض السيادة والإستقلال.

وجيشنا يتصدّى للمهام الصعبة بما فيها تلك التي هي، من حيث المبدأ، أكبر من قدراته، فينفذها بدقة وأمانة لأنها مهما كبرت تبقى أصغر من بأسه وحماسته وإيمانه بوطنه وعلاقته مع شعبه في مختلف مناطق لبنان وأطيافه كافة… فالضباط والرتباء والعسكر هم جميعهم، الجنود المنبثقون من هذا الشعب الذي حتى عندما تصل به الظروف والأزمات الى حدّ الكفر يبقى إيمانه بجيشه في حدود التقديس… والأهم الحب الذي يحوط به اللبنانيون جيشهم.

وكم يسعدني اليوم، أن أرى على رأس هذا الجيش قائداً مغواراً، عسكرياً محترفاً، ربيب لبنان بجباله ووديانه وسهوله، بسمائه وبمياهه، بتاريخه وبجغرافيته.

فتحية الى القائد المغوار العماد جوزف عون موصولة الى جيشنا البطل في عيده، عيد لبنان.

وتحية الى فخامة الرئيس العماد ميشال عون إبن المؤسسة الوطنية وأبيها وحاضنها.