IMLebanon

اجتماع باريس: مشتركات سياسية تأتي بالرئيس وإلا فراغ طويل!

 

تزاحم محلي لحجز أمكنة على طاولة الكبار

 

بعد غد الإثنين، يلتئم إجتماع باريس الخماسي بعد أخذ ورد استمر أسابيع عدة بين العواصم المعنية لم يكن مسؤولون لبنانيون بعيدين عنها، تناول الشكل والمضمون على حد سواء. وبرزت في حركة التشاور مجموعة عوامل أرجأت الإجتماع من منتصف كانون الثاني الى 6 شباط، وجرت معالجتها تباعا، وتسببت باللغط الذي رافق المشاورات.

هذه العوامل مرتبطة بـ3 أمور استوجبت الإرجاء الى حين الوصول الى نقاط مشتركة:

1-مستوى التمثيل الذي سينطوي عليه الاجتماع. واستقرّ الرأي بعد التداول على أن يكون رفيعا، وسيضمّ بشكل أساس مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى السفيرة باربرا ليف والسفيرة في بيروت دوروثي شيا، مستشار الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لشؤون الشرق الأدنى باتريك دوريل، المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا بصفته مسؤولا عن الملف اللبناني، نائب وزير الخارجية القطري منصور العتيبي، ومساعد وزير الخارجية المصري علاء الموسى.

2-ضمُّ مصر إلى الاجتماع، وهو أمر، على ما ظهر، أصرّت عليه المملكة العربية السعودية بغية التخفيف من الحضور القطري، بإعتبار أن زيادة عدد المكوّنات من شأنه الحد من حضور الدوحة التي لا تخفي سعيها إلى التأثير في ملفات المنطقة. ويشكّل لبنان أحد أوجه المصالح القطرية السياسية والإقتصادية، ومنصّة لإختبار التأثير تريده القيادة في الدوحة على قدر عال من النجاح.

3-طبيعة الاجتماع والغاية منه. إذ لا تزال باريس على إصرارها بأن يخلص الى مخرجات سياسية لا تقتصر فحسب على الدعم الإنساني، فيما الرياض غير راغبة أو محبّذة للتورّط في التفاصيل اللبنانية وتكتفي سياسيا بأنها تنتظر من يختار اللبنانيون والطبقة الحاكمة رئيسا للجمهورية، ورئيسا للحكومة على وجه التحديد متجرّد، عفيف، لا لوثة سياسية او مالية عليه. وتتوقف أي مساعدة لإنهاض لبنان على هوية الفرق الرئاسي الحاكم.

ولا يغفل أن زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا الى الرياض تتصل في جزء رئيس منها بمحاولة إقناع القيادة السعودية بأن يكون اجتماع باريس منصة سياسية تُطلق جهدا مشتركا لإنهاء الفراغ الرئاسي، من غير أن تاتي راهنا على تفضيل مرشّح على آخر أو أن تتبنى إسما. وهي كانت صريحة في أن «لبنان يغرق بالفوضى مما يمثل عامل زعزعة استقرار للمنطقة»، مع إشارة مقلقة الى وجوب دعم اللاجئين السوريين والفلسطينيين. وبدت هذه العبارة اعتراضية جدا، وربما تنطوي على تفصيل ما يُحضَّر للبيان الختامي.

من الواضح أن المجتمعين في باريس يشكلون فريقا واحدا بالمعنى المحوريّ، لكن بأجندات مختلفة تتوزّع بين المصالح الإقتصادية كفرنسا في المرفأ وقطاع الإتصالات والبريد وقطر في الغاز، والتأثير كالولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية، والى حد ما مصر. تاليا إن أي اتفاق على مشتركات، واستطرادا تظهيرها في ورقة سياسية واضحة المعالم، سيعدّ حكما مؤشرا إلى ولوج مسار تسهيل ينتهي بانتخاب رئيس جديد في غضون أشهر قليلة، وربما مع نهاية الربيع. أما إذا استمرّ التباعد، مع إصرار الرياض على عدم التورط سياسيا، فإن الأزمة مفتوحة على مدد زمنية بلا سقف، لا سيما في حال زاد الفراق الإقليمي – الدولي مع إيران وبقيت علاقة طهران مع باريس على حدّتها وحماوتها، ومع الرياض على برودتها النسبية.

 

مخاوف من انعطافات حادة في المسار الجيوسياسي للمنطقة يؤثر سلباً على لبنان

 

تأسيسا على هذا الواقع، ينتظر لبنان المدى الذي ستكون عليه انسيابية الإجتماع الخماسي، من دون كثير أوهام بحل آني. لكن لا يخفي هذا الواقع هواجس متنوعة المصدر والطبيعة تنتاب الكثيرين، مع خوف من أن تأتي أي تسوية بصيغة الهبوط الإضطراري حيث ثمة بلا أدنى شك أضرار جانبية collateral damage، وربما أضحية سياسية من نوع تلك التي تقدّم عند اعتماد تغيير دراماتيكي أو إنعطافات حادة في المسار الجيوسياسي لأي منطقة أو إقليم.

لذا يُصبح مفهوما أن يتزاحم اللاعبون المحليون على حجز أمكنة لهم على طاولات القرار، أو أدوارا في الحد الأدنى من أجل ألا يكونوا الثمن المفترض للتسوية.