IMLebanon

«الحزب» عطّل ترشيح عون واختبأ خلفه

يجمع مراقبون على استبعاد حصول الانتخابات الرئاسية في المدى القريب.

المتفائلون يتحدثون عن أشهر، أما المتشائمون فيتوقعون للفراغ أن يطول لأكثر من سنة، والجميع ينتظر الى ما بعد اتضاح الوضع في المنطقة، وخصوصاً في سوريا التي ستُحدّد التطوّرات فيها مسار الاستحقاق الرئاسي، سواءٌ لجهة التوقيت، أو لجهة إسم الرئيس الذي سيصل الى بعبدا.

والى حين انتهاء هذا الانتظار لا يزال الواقع الذي أنتجه ترشيح رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع لرئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون قائماً بلا أيّ تغيير، تماماً كما هو الواقع الذي أنتجه ترشيح الرئيس سعد الحريري لرئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية.

الواضح أنّ كلّاً من الحريري وجعجع يتعاملان على أساس، أنهما بعد هذا الترشيح يقفان في المكان الآمن، فلا جعجع مستعدّ لإعادة تقويم قراره، ولا الحريري أيضاً، فيما تستمرّ السجالات وتحميل المسؤوليات بينهما على قاعدة «مرشّحي أفضل من مرشّحك»، كلّ ذلك يحصل على وقع الفراغ المرشح لأن يطول، والذي يستثمره «حزب الله» الى الحدّ الأقصى.

ولقد نجح الحزب الى حدّ بعيد في رمي الكرة الى كلّ من جعجع والحريري، فحوّل ترشيح فرنجية من مأزق للحزب الى مأزق للحريري، وعطّل ترشيح عون، واختبأ خلفه، تاركاً جعجع يطلق النار على الحزب فيما حليفه المرشّح لا يجرؤ على مساءلة الحزب ولو بالحدّ الأدنى عن سبب عدم استعمال ما يملك من وسائل لإيصاله الى قصر بعبدا كما وعده سابقاً.

هذا بالذات ما يدعو الى التساؤل عن علاقة كلٍّ من الحريري وجعجع بمرشّحه. فبالنسبة الى جعجع، كانت الانطلاقة الأولى لترشيح عون تبدو مناسبة لكشف «حزب الله» على حقيقة موقفه المعطّل للانتخابات الرئاسية، لكنها تحوّلت مع الوقت روتيناً سياسياً غير مجد، خصوصاً أنّ عون المتضرّر من موقف «حزب الله» بدا وكأنه عاجز كلياً أمام الحزب، وغير قادر على مطالبته، بترجمة عهوده التي كانت أحد أسباب ترشيح جعجع له، فالمعروف أنّ عون كان يرسل لجعجع معطيات عن حتمية وصوله الى قصر بعبدا، فور إعلان الأخير تأييده، إلّا أنّ كلّ ذلك لم يتحقق، واكتفى عون ببعض إشارات الجفاء التي أرسلها الى الحزب، وهدّد بالنزول الى الشارع لكنّ الحزب لم ينصحه بذلك فيما هدّده فرنجية بعقد الجلسة الإنتخابية في حال أقدم على ذلك، فتراجع.

دوافع التعطيل مرشّحة للاستمرار أشهراً وسنوات، فهل سيستطيع الحريري الانتظار، وهو الذي أسّس لنظرية تأييد فرنجية على مقولة إنه يفضّل رئيساً قريباً من «حزب الله» على الفراغ، فإذا بهذا الترشيح يُصبح مرادفاً للفراغ، وإذا بالمرشح يكرّس هذا الفراغ بامتناعه عن حضور جلسات الانتخاب.

عملياً يمكن القول إنّ ترشيحَي عون وفرنجية، تحوّلا ترشيحَين بلا شروط، وبلا سقف زمني، وتحوّل من رشّحهما رهينة للترشيح، لا بل لأيّ شاهد على التعطيل، وهو الأخطر، لأنه يمنح «حزب الله»، القدرة والهامش والمناورة على توظيف الاستحقاق الرئاسي ووضعه في سلّة إيران التي تفاوض في المنطقة في كلّ الملفات.