IMLebanon

لسنا مهيّئين للحرب.. هل نحن مهيّؤون للسلام؟

 

منذ نحو 50 يوماً، بدأت الحرب العدوانية على غزة، إذ حاولت البلدان المجاورة في المنطقة أن ترسم خطط طوارئ لمواجهة أي حرب إقليمية، وتوسيع بقعة الصراع. فتحوّلت المنطقة من اقتصاد الإستقرار والمفاوضات إلى اقتصاد الحرب.

لقد حذّرنا مرّات عدة، من أن لبنان ليس مهيّأ أبداً لأي حرب جديدة، أكانت ساخنة أم باردة في أرضه، وقد خسر كل مكوّنات الصمود، من الجهة المالية، النقدية، الإجتماعية والإقتصادية. فالأزمات المتتالية قد دمّرت كل أركان المواجهة، ولم يعد الشعب يحتمل، حتى جدار بيوتنا، سماع جدار الصوت.

كما لم يعد في مقدور المواطنين، حتى تبديل ألواح الزجاج في بيوتهم، أو إعمار حجر واحد في حال دُمّر، فيما لم نبلسم بعد جروح ثالث أكبر انفجار في العالم في 4 آب 2020، ولم تجف بعد الدموع والدماء، ولم تنته بعد أزماتنا المالية والنقدية الأكبر في العالم، بعدما هُدرت وسُرقت أموال الشعب والشركات والإقتصاد.

 

فحروبنا الداخلية للعيش والتعايش كبيرة، وكل يوم هو صراع للتعب والصمود، أمام أزماتنا المتعدّدة، إذ لم نعد نستطيع أن نتحمّل أي شبر من أزماتنا الجديدة على أرضنا.

 

أما الدولة اللبنانية، فلن نعرف أكانت تضحك على نفسها أم علينا، وقد أعلنت بفخر، أنها جهّزت خطة طوارئ. لكن المضحك المبكي أنّ هذه الدولة نفسها، لم تنفّذ أي خطة أو أي إصلاح لمواجهة أكبر أزمة إقتصادية، مالية، ونقدية، والدولة نفسها أيضاً هي المسؤولة على نحوٍ مباشر وغير مباشر عن أكبر انفجار.

 

عن أي خطة طوارئ تتحدّث، عندما نشهد يومياً إنهيار مؤسساتها، ولا تستطيع تأمين المواد الغذائية أو الوقود لجيشها الباس؟ شئنا أم أبينا، إن القطاع الخاص كما القطاع العام قد خسرا مكوّنات المواجهة أو حتى الصمود، وعلينا إعادة بناء أركان دولتنا واقتصادنا قبل أن ننطلق نحو مغامرات جديدة.

 

فلا شك في أننا غير مهيّئين لإقتصاد الحرب، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل نهن مهيّؤون للتفاوض أو حتى للسلام؟

 

لا شك في أن الحرب تحتاج إلى تضامن الجهود وتآزرها وتضافرها، لكن السلام أيضاً يحتاج إلى المكوّنات عينها، المفقودة لسوء الحظ.

 

في حال جُرّت المنطقة إلى مفاوضات السلام، مَن سيُفاوض بإسم لبنان، في ظل غياب رئيس الجمهورية الذي يمثل البلاد، أو حكومة وسلطة تنفيذية حقيقية ونافذة، في ظل فراغات مستشرية في كل المواقع، الأمنية، الإقتصادية والسياسية؟

 

مَن سيُمثل لبنان، في ظل هذه الفراغات المخيفة، التي تتزايد يوماً بعد يوم، ومَن سيتكلم بإسم الشعب والدولة، في ظل هذه الإنقسامات الكارثية والخلافات الداخلية التدميرية؟ بكل حزن وألم، لسنا مهيّئين لا للمواجهة، ولا للحرب ولا للدفاع عن أنفسنا وأرضنا، وحتى أننا لسنا مهيّئين لا للتفاوض ولا للسلام ولا للإستقرار.

 

الواقع انّ لبنان اليوم يقف على مفترق طرق، من جهة جرّنا إلى الحرب والدمار، ومن جهة أخرى جرّنا إلى ترسيم الحدود والتفاوض وحتى السلام. ولسوء الحظ، الطريقان مسدودان، لأنه ليس هناك أي رؤية مشتركة ولا إستراتيجية جامعة، ولا تضامن، ولا ثقة بين مكوّنات البلاد. لا بل هناك إنقسامات حادّة وحروب داخلية، وأجندات مخفيّة، وأغراض شخصية، ولا أهداف وطنية.

في ظل هذه الأجواء الخطرة، وشبح الحروب، تزداد الإنقسامات وإستراتيجية الشلل والتجميد، عوضاً عن إستراتيجية الإتحاد والتكاتف والتعاطف.

 

في المحصّلة، إن لبنان ليس مهيّأ للحرب، وأيضاً للسلام، لغياب التضامن الوطني، والرؤية الموحّدة، وعدم تطبيق الدستور والقوانين وإحترام المهل الدستورية، وملء الفراغات الفادحة.