IMLebanon

على من تقرأ مزاميرك مسيو دوكان؟

على من تقرأ مزاميرك يا مسيو بيار دوكان؟ فأنت لم تأتِ في مؤتمرك الصحافي بما نجهل. ولم تفتح فتحاً مبيناً عندما أعلنت أنه “لا يمكن أن نجد مؤشراً اقتصادياً ومالياً واحداً ليس سيئاً”.

صحيح أنك حافظت على التهذيب الفرنسي في التوصيف القاسي لما عاينته لدى الذين وصفتهم بأنهم “لا يقولون الحقيقة”، وإن استخدمت الـ”tournure de phrase” لتُفهِمهم أنك كشفت كذبهم وعوراتهم، وهي أكثر من أن تحصى.

وجيد أنك نبهت إلى عبثية ترويج “بعض الأشخاص” للائحة من الحلول السحرية. بالطبع لم تكن تغمز من سذاجتهم ونومهم على حرير الأحلام الوردية، لكن ما سردته، مسيو دوكان، عن الإصلاحات والكهرباء والهيئات الناظمة كفيل بفضح الانتفاعية والفساد اللذين يسرطنان وضع لبنان الاقتصادي.

لكن ألمعيتك وأسلوبك المنطقي الواضح، لا يحولان دون قلة خبرتك بالسوسيولوجيا اللبنانية الأصيلة، فـ”بعض الأشخاص” الذين وصّفتهم، ممن يتشدقون بإنجازاتهم، لا يحبذون “المزيد من الانفتاح والشفافية في الإدارات العامة والتحول نحو التقنية الرقمية وكل ما يساعد على الحكم الرشيد”، لأن العكس هو مطلبهم في كل ما يقومون به، وليس لعجز تقني، إنما لنهب ما تبقى من المال العام ومعه خيرات “سيدر”، ولا بأس إذا بقي “لبنان بحاجة ماسة إلى بنى تحتية مادية واجتماعية، وهي غير موجودة”.

لن يغير المعادلة الراسية أن تذَّكر “بعض الأشخاص”، وبالفرنسية “المشبرحة” ان “صعوبات لبنان لم تبدأ منذ العام 2011 مع النزوح السوري، بل قبل ذلك”. وأن تفضح شعبوية من يتاجر بنغمة اللجوء السوري، وتتفاجأ لأن “أحداً لم يعد يقوم بهذا الرابط اليوم بين “سيدر” ومسألة اللاجئين”.

مسيو دوكان، عليك أن تدرس نظرية “التشاطر” على الطريقة اللبنانية، التي ترمي إلى بيع المجتمع الدولي حلولاً سحرية. فمهما حسبت إنك عجنت وخبزت أسلوب الهروب الى الأمام على طريقة: “أو يموت الحمار… أو يموت السلطان.. أو يموت الشاطر”، مع المراهنة، ودائماً على الطريقة اللبنانية، بأن “الشاطر لا يموت”، ولا يهتم، ما دام لا يزال يسرح ويمرح ولا يشغل باله، ليس بالمجتمع الدولي ومحاسبته ومحاصرته للدولة اللبنانية فحسب، ولكن بالمواطن الذي يترك لغرائزه أن تغنيه عن الدولة، وينتشي بالمحسوبيات الطائفية التي تمده بمصل يمكنه من قضاء الحد الأدنى من حوائجه.

وقمة الجهل بالسوسيولوجيا اللبنانية يؤكدها قولك إن “التمويل ما زال موجوداً والجهات المانحة ما زالت جاهزة للمساعدة، شرط أن تحصل الأمور بالشكل المطلوب والمناسب في لبنان”.

ففي هذه الجملة علة العلل. عفواً هذه الجملة ممنوعة من الصرف ولا محل لها من الاعراب، إلا إذا عدَّلها “بعض الأشخاص” إياهم، لتصبح “شرط أن تحصل الأمور بالشكل المطلوب والمناسب لمصالحهم الضيقة”.

فتش عن غيرها مسيو دوكان.. وإلا على من تقرأ مزاميرك!!!