IMLebanon

خطة الانهيار الشامل

 

ليس المقصود بـ”خطة الانهيار الشامل” خطة حكومة الرئيس حسان دياب المالية والاقتصادية، لأن هذه الخطة وُلدت ميتة أساساً وقد ضُربت “من بيت أبيها”، فلم يرحمها لا “راعي” تسمية دياب رئيساً للحكومة، أي النائب جميل السيد الذي تفوّق على جرير في فنون هجاء الخطة والحكومة التي أعدتها في الاجتماع الأول للجنة المال والموازنة، ولو اعتبر البعض أن مواقف اللواء السيد تأتي من باب المناورة حماية للخطة. ولم يقصّر رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان، أمين سر تكتل “لبنان القوي” أحد عمودي الحكومة سياسياً إلى جانب “حزب الله”، في نقد لادستورية ولاقانونية جوانب كثيرة من الخطة، مؤكداً الحاجة إلى مرور بنود كثيرة منها على مقصلة مجلس النواب.

 

إنما المقصود بـ”خطة الانهيار الشامل” الخطة التي أعدّها “حزب الله” للإيقاع بلبنان نهائياً، من بوابة الانهيار المالي والاقتصادي بحيث لا يعود بالإمكان تحقيق أي نهوض، في حين ينأى الحزب بنفسه عن السقوط بفعل تمويله الخارجي واقتصاده البديل.

 

أخطأ دياب حين قال إن أحداً في الحكومة لم يعترض على اللجوء إلى صندوق النقد الدولي، لأن الاعتراض الشديد اللهجة أتاه من السيد حسن نصرالله الذي أعلن أنه لم يفوّض أحداً للتفاوض مع الصندوق، لا رئيس الحكومة ولا غيره، لا بل دعا الحكومة إلى الاعتماد على الداخل وعدم انتظار مساعدات أو دعم من الخارج، لأن الأمين العام لـ”حزب الله” يدرك جيداً أنه لن يقبل بالإصلاحات التي يصرّ عليها صندوق النقد لأنها تعني بالضرورة قطع التمويل عن “الحزب”، هذا التمويل الذي تُحرم الخزينة اللبنانية منه ليتنعّم به “الحزب”، وتحديداً وأولاً من التهرّب الجمركي عبر المرافئ الشرعية في المرفأ والمطار كما عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية على طول الحدود البرية.

 

خطة الانهيار الشامل التي أراد “حزب الله” تقوم على معادلتين: المعادلة الأولى تكمن في أخذ لبنان رهينة في المواجهة التي يخوضها “الحزب” ومن خلفه إيران مع الولايات المتحدة، وذلك تحت شعار أن أي انهيار لإيران أو لـ”الحزب” سيسبقه حتماً انهيار لبنان، وإذا أراد المجتمع الدولي إنقاذ لبنان فعليه أن يفيد “الحزب” حتماً.

 

والمعادلة الثانية تكمن في كسر القطاع المصرفي ومصرف لبنان وحاكمه نهائياً لتحقيق هدفين: أولاً تأديب قطاع عصى إرادة “الحزب” ولم يسمح له بالاستمرار في استخدام المصارف اللبنانية في عملياته المالية. وثانياً محاولة إرساء قطاع بديل عبر مجموعة من المتمولين الحلفاء كرّس لهم في الخطة الحكومية 5 تراخيص لمصارف جديدة، ظناً منه أنه عبرهم يتمكن من العودة إلى النظام المصرفي العالمي.

 

ولتحقيق هذا الهدف كان لا بدّ من الخطة الحكومية الهجينة التي لا تطرح أي إصلاحات فعلية بل تكتفي بإعلان نيتها الانقضاض على القطاع المصرفي ورأسماله والمودعين، في محاولة للتعويض ببضعة مليارات من الدولارات المفترضة عن خسائر تسبب به فساد الطبقة السياسية تتجاوز قيمته الـ160 مليار دولار!

 

هكذا تبدو الخطة المالية للحكومة الديابية مجرّد غطاء هزيل لخطة “الحزب” الهادفة إلى تقويض أسس الاقتصاد اللبناني وصورته وهويته كما إلى ضرب أي إمكانية للنهوض المالي مجدداً، في محاولة لاستدراج عروض غربية للتفاوض حول آليات إنقاذ لبنان بشرط إعادة تعويم وضعية “الحزب” المالية المهترئة، نتيجة العقوبات المالية الأميركية والحصار الغربي الذي بدأ يتمدد إلى كل دول أوروبا.

 

الثابت أن فرص مرور خطة حكومة دياب في مجلس النواب شبه معدومة، كما هو ثابت أن محاولة “الحزب” مفاوضة الغرب عن طريق الابتزاز بمصير لبنان واللبنانيين لا يمكن أن تمرّ، لا بل إن الأسابيع المقبلة تحفل بالاستحقاقات من صدور الحكم النهائي للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، مروراً ببدء تطبيق قانون ماغنيتسكي أميركياً وليس انتهاء ببدء تطبيق قانون قيصر، إضافة إلى كل الأخبار غير المشجعة لـ”الحزب” والتي تأتي من الداخل السوري على أكثر من مستوى…