IMLebanon

ضغط سياسي على «البيك» أو سباق على «المشيخة»؟ 

 

كأنّ الزمان يُعيد نفسه، هكذا يمكن اختصار واقع حال المناوشات التي تشهدها مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز. فبعد عقود من الازدواجية في مشيخة العقل نتيجة الخلافات السياسية، ورغم صدور قانون في العام 2006 نظّم شؤون طائفة الموحدين، وحدّد وجود شيخ عقل واحد، وقد انتخب حينها الشيخ نعيم حسن، تطفو إلى العلن مرة جديدة قضية أحادية مشيخة العقل التي لم يكن ينقصها إلّا مسألة دعوة الشيخ نصر الدين الغريب للمشاركة في القمة العربية، ليتبيّن انّ القضية أبعد من دعوة… إنما «قلوب مليانة» «داخل البيت الواحد من تجاوزات أبناء يُمعنون في إضعاف طائفتهم». وفق ما أكّده مصدر خاص لـ«الجمهورية».

 

لطالما أخذ الصراع السياسي بين الزعامتين الجنبلاطية واليزبكية والسباق على النفوذ ضمن طائفة الموحدين الدروز، أشكالاً متعددة عبر التاريخ. ومن الأوجه القديمة للصراع، والتي ولّدت انقساماً ضمن الموحدين، تعدد مشايخ العقل، فكان كل فريق يدعم شيخه الخاص.

 

وبحسب القانون 1962 كان يُنتخب شيخا عقل من أبناء الطائفة، فكان هناك شيخ يزبكي وآخر جنبلاطي. مع وفاة الشيخ رشيد حمادة (يزبكي) العام 1970، لم يبق إلّا الشيخ محمد أبو شقرا (جنبلاطي) في سدة مشيخة العقل، واتفق آنذاك مؤسس الحزب «التقدمي الإشتراكي» كمال جنبلاط والمير مجيد ارسلان على ان تبقى مشيخة العقل موحدة مع الشيخ أبو شقرا إلى أن توفي في العام 1991. بعده تولّى المنصب قائم مقام شيخ العقل الشيخ بهجت غيث، وبقي إلى حين صدور القانون الجديد الذي نظّم شؤون الطائفة.

 

بعد الانتخابات النيابية في العام 2005، وبنتيجة المقاعد التي حصدها رئيس «اللقاء الديموقراطي» آنذاك وليد جنبلاط والزعامة الدرزية التي تكرّست له، وسقوط غريمه التقليدي رئيس الحزب «الديموقراطي اللبناني» النائب طلال إرسلان، قدّم مشروع قانون الى المجلس النيابي، ينظّم شؤون طائفة الموحدين الدروز، ويحدد وجود مجلس مذهبي ينتخب شيخ عقل الطائفة، وقد أبصر القانون النور العام 2006، وتشكل المجلس المذهبي وتمّ انتخاب الشيخ نعيم حسن، ومنذ ذلك الحين قاطع ارسلان المجلس.

 

«مشكلة مبدأ»

 

في هذا الإطار، يؤكّد رئيس اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي الشيخ سامي ابي المنى «ان لا مشكلة مع اسم الشيخ الغريب الذي دعي إلى القمة بغير وجه حق، إنما المشكلة في الكيدية السياسية وبمبدأ العودة إلى الوراء».

 

ويذكّر أبي المنى أنّ تسمية «الغريب كشيخ عقل جاءت على أثر اجتماع عقده ارسلان في خلده كنوع من الاعتراض على القانون 2006 الذي نظّم شؤون الطائفة، وقد استبق عملية انتخابنا للشيخ حسن، وهذا الامر مخالف للقانون، مشيراً إلى انّ كل من «يحاول إبراز الشيخ الغريب يكرّس الانقسام والازدواجية».

 

إنطلق السباق؟

 

رغم انّ شيخ العقل ينتخب لمدة 15 سنة، عبر المجلس المذهبي الذي هو خليط من نواب ووزراء ومشايخ وقضاة وأطباء… يبقى لدى الزعامات الدرزية رغبة باطنية في الاطمئنان الى من سيكون شيخ العقل المقبل نظراً إلى أهمية دوره وتأثيره وسط أبناء الطائفة. لذا، غالباً ما ينطلق السباق على موقع مشيخة العقل باكراً.

 

في هذا الاطار، يلفت المصدر الخاص «إلى انه بعد عامين تنتهي ولاية الشيخ حسن، وهناك احتمال كبير ان يُمدد له، على اعتبار انه لم يبلغ بعد الـ 75 سنة، وهو العمر المحدد للتقاعد من الموقع».

 

ويضيف: «لذا، هناك من يسعى إلى خلط الأوراق باكراً، وإضفاء نوع من الشرعية على الشيخ الغريب المعيّن خلافاً للقانون».

 

ويتابع متأسفاً: «إنتظرنا سنوات طويلة لنخرج من مسألة العائلات ما بين الجنبلاطية واليزبكية، وقد اختير الشيخ حسن لكفايته ونزاهته، ومعه توحّدت المشيخة. المؤسف انّ هناك من يحاول أخذ الأمور إلى منحى التحدي والمواجهة».

 

في الكواليس

 

«مشيخة العقل والمجلس المذهبي ليست لفئة او لفريق معين»، قالها الشيخ حسن في لقائه مع الإعلاميين الأسبوع المنصرم، وقبل انعقاد القمة العربية ودعوة الشيخ الغريب. ولكن هل لا يزال على موقفه في ظل مساعي البعض لإضعاف موقعه ؟

 

يجيب المصدر: «لطالما تَبنّت مشيخة العقل قاعدة تكريس المواطنة والابتعاد عن المواجهة، هذا لا يعني انها قد تنام على حق لها، إلّا انها تسعى دوماً للابتعاد عن تكبير الخلافات لإيمانها بمفهوم الدولة الوطنية، وانّ الدار بمثابة الام لجميع أبنائها»، مشدداً على انّ رسالة المشيخة «في الوقت الراهن هي تهدئة الوضع، ولا لتكبير الخلافات او المواجهة او التصعيد».