IMLebanon

الفرز السياسي… من المصدر

 

يبدو أن “انتينات” رئيس “الاشتراكي” وليد جنبلاط لم تكن معطلة عندما أقام الدنيا ولم يقعدها تصريحه المثير للجدل بشأن لبنانية مزارع شبعا. الظاهر أن الذبذبات التي التقطها باكراً، بدأت تصل الى باقي القوى السياسية الحريصة على تجنب سحب اسمها بالقرعة، إذا ما توسعت مروحة العقوبات الأميركية.

 

تسريبات غير رسمية تشير إلى أن الإدارة الأميركية ماضية بتضييق الحصار على “حزب الله” لتشل الذراع الإيرانية الأقوى، ولن توفر شخصيات في صلب التركيبة الحكومية متحالفة مع محور الممانعة جهاراً نهاراً. وفي حين بدأ التداول بأسماء هذه الشخصيات، ليس مستبعداً ان تشمل العقوبات من التزموا مساكنة الحزب والسكوت عن صواريخه الجاهزة لنجدة إيران في أي مواجهة معها، باعتبارهم جزءاً لا يتجزأ من الدولة الساقطة في الفلك الإيراني.

 

ربما من هذه الزاوية، يمكن قراءة مواقف رئيس الحكومة سعد الحريري في واشنطن، وكلامه عن تفعيل القرار 1701 واستكمال ما تبقى من بنوده، وعن الانتقال من وقف الاعمال العدائية ووقف اطلاق النار، الى المرحلة التالية القاضية بالتفاوض مع إسرائيل تحت مظلة الأمم المتحدة لترسيخ اتفاق نهائي يعيد قرار السلم والحرب الى الدولة وينتزعه من “الحزب” وإيران، إضافة الى عودة التفاوض مع اسرائيل على ترسيم الحدود البحرية في أيلول المقبل.

 

ولا تختلف قراءة اعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري بشأن استقباله الوسيط الاميركي الجديد دايفيد شنكر في 12 ايلول عن الغاية ذاتها، على رغم علمه وعلم زملائه ممن يكابدون مشقة قيادة البلاد، ان معادلة “لا نفط بوجود الصواريخ” تجعل من التفاوض برعاية شنكر لعباً في الوقت الضائع.

 

وتؤكد هذه المواقف الاستباقية وعي أصحابها ان لبنان المصنف ورقة في يد إيران لمواجهة العقوبات الأميركية، هو أيضاً ورقة فعالة بيد الأميركيين والإسرائيليين لحشر “الحزب” ورأس ممانعته، وقد تُستخدم لفتح الجبهة في الجنوب اللبناني بعيداً من المواجهة في مضيق هرمز، وصولاً إلى ارغام إيران على التفاوض تحت وطأة أقصى درجات الضغط.

 

وعلى الرغم من إصرار القادة الإيرانيين ومعهم الأمين العام لـ “الحزب” حسن نصرالله على إقناع جماعاتهم بوجود معادلة رعب تحول دون إقدام الإسرائيليين على مغامرة الحرب، الا ان اتجاه الظروف الإقليمية قد يناقض هذه المعادلة، وتحديداً اذا استعدنا التصريحات الاسرائيلية الملوحة بنهج جديد يشدد على أن أي حرب محتملة على لبنان لن تفصل بين “حزب الله” والدولة اللبنانية. وتهدد بضرب كل المرافق الحيوية من دون استثناء او فرز لأهداف تخص “الحزب” وأخرى تخص الدولة.

 

ربما وفق هذه المعطيات، كانت المسارعة الى الفرز السياسي من المصدر. وبمعزل عن القدرة على ترجمة التعهدات الموجهة الى الإدارة الأميركية في الحياة السياسية الداخلية، كان لا بد من تسجيل الموقف الاستباقي الذي قد يبعد عن أصحابه كأس العقوبات وتبعات احتدام الصراع بين مستخدمي الساحة اللبنانية.