IMLebanon

السياسة والساسة

السياسة في علم اللغة مشتقة من فعل ساس يسوس أي يقود ويدير ويدبّر، والسياسة بالنسبة الى الدول تعني إدارة الحكم بما يتناسب مع مصلحة الدولة وشعبها، وفي لبنان تعني الشطارة غير المنضبطة ولا معاني أخرى كثيرة كمثل فن الممكن والانتهازية والوصول والغاية تبرّر الوسيلة وفق فلسفة ميكيافيلي ونادراً ما مرّ فيه، أحد التزم بالمفهوم الدقيق لمعنى السياسة بوصف السياسي هو من ينطلق من مبادئ أخلاقية يناضل بالوسائل الديمقراطية المتاحة لتحقيقها، وإذا كان مرّ على هذا البلد عبر تاريخه الطويل أمثال هذا النموذج فهم قلّة قليلة معظمهم أصيب بخيبات الأمل لأن الشعب اللبناني اعتاد على أنماط أخرى من السياسيين وهم الغلبة، وتحوّل الى إداة بين أيديهم يوجهونه في الوجهة التي تخدم مصالحهم حتى ولو كانت على حساب مصالحه الإنسانية والاجتماعية والحياتية.

ولا يجب أن ننسى في معرض الحديث على هذا النوع من السياسيين أولئك الذين لا مبادئ يعتنقونها ويناضلون من أجل تحقيقها خدمة لمصلحة الشعب مصدر السلطات كلها، وأولئك الذين يبدّلون مواقفهم حسب اتجاه الرياح السياسية، فهو اليوم مع الديمقراطية الشعبية وفي اليوم الثاني مع الأنظمة الدكتاتورية يدبج المدائح برؤسائها، ويعتبرهم القدوة و يوظفون كل طاقات الدولة في خدمة مصلحة الشعب وحريته ورفاهيته، وهو في اليوم الأول يمتدح الحاكم ثم يعود في اليوم الثاني ويهاجمه لأنه تمنّع عن الاستجابة لطلباته غير القانونية وغير المقبولة وغير المعقولة، وهناك أيضاً سياسيون عندنا يدّعون أنهم أصحاب مواقفهم حتى إذا التزموا موقفاً لا يتراجعون عنه ثم تراهم في اليوم التالي يتراجعون ويبدّلون مواقفهم بذريعة مقتضيات المصلحة العامة والتي لها الأولوية والأفضلية وهؤلاء موجودون بكثرة بين سياسيينا في مجلس النواب وفي الحكم وفي كل مكان وهم لا يخجلون من أنفسهم ولا يقيمون أي اعتبار للرأي العام اعتقاداً منهم أن لا وجود له ولا قيمة ولا أهمية، وهو ينسى ويسامح بدلاً من أن يحفظ ويحاسب، ناهيك عن الذين يعتبرون السياسة فن الممكن وهؤلاء معذورين في هذا الاعتقاد شرط أن يمارسوه بدقة ولا يتلاعبون في مفهومه وفق مصالحهم ومطامعهم والأمثلة على أنواع السياسيين هي لائحة طويلة لا تنتهي عند هذه الحدود بل تتعداها الى السياسيين الطفيليين والوصوليين والانتهازيين والمستعدين لأن يبيعوا ويشتروا ولا ترفّ لهم عين، والذين على استعداد دائم لأن يبدلوا ويغيّروا في مبادئهم كما تغيّر الحيّة جلدها، ولست هنا في صدد التوقف عند سياسيين محددين ممّن يدّعون أنهم يتولون شؤون اللبنانيين حتى لا تقوم قيامتهم وهم على كل حال يعرفون أنفسهم.