IMLebanon

الحلول الإيجابية متى تخرج من القمقم الملغوم؟

 

 

عشرون يوما أو يزيد، بات عمر الإنتفاضة – الثورة التي عمت البلاد في معظم أرجائها، وتحققت من خلالها مفاجأة ضخمة أطلقت للوجود، ماردا لم يكن له أي وجود ملموس، فإذا به يطل على ساحة الأحداث، جليا واضحا جسيما وحدوديا رافضا للطائفية البغيضة وداعيا إلى وطن واحد ومواطنين موحدي المطالب التي نادت بها جموع المنتفضين والتي تحقق بعضها جزئيا باستقالة الرئيس الحريري بانتظار تحقق بقية المطالب مرورا بتأليف حكومة جديدة تحمل معالم الثورة بكل جوانبها ومطالبها.

 

وفور اندلاعها، ابتدأت المداورات والمناورات والمماطلات بهدف تقليم أظافر الإنتفاضة واختلاق المزالق والمطبات في طريقها وأصبح الحل المفترض متوقفا على الإجابة على جملة من التساؤلات المختلقة، وفي طليعتها السؤال التالي: الوزارة الجديدة التي لم تبدأ الاستشارات بصددها بعد، أتكون بعضوية الوزير باسيل أم بدونه؟

 

والذين اقترحوا أن تكون الحكومة المقبلة برئاسة سعد الحريري، افترضوا ضمنا أن تكون بعيدة عن توزير أي من السياسيين الذين طاولتهم صيحات المنتفضين: (كلّن يعني كلّن)، فوجئوا بأن حزب الله يطالب بحكومة مطعمة بسياسيين ومن بينهم ممثلين عن الحزب، وأن العهد يشاركه في هذه المطالبة على أن يكون في طليعة المشاركين «فخامة الرئيس المنتظر» جبران باسيل.

 

وتشتد التظاهرات اتساعا واحتقانا مع مرور الوقت، وتشتد عقدة تشكيل الوزارة الجديدة تعقيدا واتساعا وتأزما.

 

فإلى أين؟ سؤال يطرحه الجميع وفي طليعتهم مسيّرو الثورة المستجدة وأنصارها والمشاركون في مظاهراتها واعتصاماتها وصيحات الغضب المتقطرة من صيحات الثوار وهتافاتهم، نعم العقدة تكبر وتتسع حجما وضررا وخطرا. نعم، لقد عمد المتضررون من صحوة اللبنانيين المفاجئة إلى التحفز للمواجهة التي يعتقد بعضهم أن أوانها بدأ يقترب، وأن التظاهر لا يفلّه إلا التظاهر المقابل، وأنهم وإن شاركوا المنتفضين في مطالبهم الحياتية والإجتماعية والإقتصادية إلاّ أنهم باتوا على تحسب شديد تجاه احتمالات توسيع نطاق المطالب وصولا بها إلى حدود سيادية بما فيها مطلب حصر السلاح بيد الدولة ولجم انطلاقات جهات لبنانية مسلحة إلى المحيط العربي والإقليمي، وتجنيب لبنان مخاطر المجابهات غير المسؤولة والمتجنية على المحيط العربي، وتطبيق مبدأ النأي بالنفس قولا وفعلا بما يجنب لبنان تلك الإنكماشة العربية عنه وعن المساهمة في مدّ يد العون المالي والإقتصادي والتجاري والسياحي إليه جريا على عوائدها التي سارعت في جميع الحالات القاسية والخطيرة التي مرّ بها لبنان إلى اثبات عواطفها وتصرفاتها الأخوية تجاهه وتجاه أبنائه جميعا على مختلف انتماءاتهم الطائفية والمناطقية، وفي طليعتها الأماكن التي سبق أن تناولها العدوان الصهيوني بشتى أنواع المكاره والأضرار. إلى متى ستبقى هذه الأزمة الثوروية معلقة في أوضاعها واحتمالاتها، موغلة في التغاضي عن كل هذه المخاطر التي باتت تمسك بخناق الوطن اللبناني كيانا وأرضا وشعبا ومؤسسات؟ وإلى متى سيبقى التمسك بوجود شخص ما تسبب في التفريط بوجود اللبنانيين وتأمين العيش الكريم لهم ولم يترك جهة إلاّ وتناولها بتصرفاته البعيدة عن إحساس المسؤولية والتمسك بطموحات لم يحن أوانها وهي بعيدة عن الإجماع الوطني بل على العكس، هي تلقى منذ الآن كل أنواع المعارضة المشفوعة بالأسباب الموجبة والحرص على وحدة اللبنانيين وضمان مستقبل بعيد عن العنعنات الضيقة كائنا ما كانت مصادرها وأهدافها.

 

نعم… نخشى من كل هذا التعقيد المصطنع الذي يواكب مسيرة الحلحلة المتباطئة بل والتي تكاد أن تكون متوقفة والمشتبه بأسباب تباطؤها وتوقفها. نعم نخشى على لبنان من انتهاكات جمّة تطاول مسيرته المهرولة باتجاه التعقيد وإن كل ما يواكبنا من مستجدات ومن اجتماعات ذات طابع متستر تضاعف من مخاوف المواطنين وخشيتهم من مسارات الحلول المطروحة بقدر ما نحن مرتاحون إلى حجم الإنتفاضة الوطنية وتشعباتها في مختلف أنحاء الوطن، بقدر ما تؤرقنا وتقلقنا التحفظات والإستعدادات المقابلة، خاصة وأن وجهتها الأساسية والنهائية ملتصقة بالمواقع الإقليمية القريب منها والبعيد.